أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٨
يؤخذ طريقا شرعيا إلى الضرر في باب من الأبواب أصلا بل الموضوع للحكم بالحرمة هو الخوف المجتمع مع الاحتمال الناشئ عن مدرك عقلائي فالتخصيص بخصوص الظن لا وجه له (واما الكبرى) فلان الظن لو سلمنا كونه طريقا إليه فلا ريب في أنه مختص بالظن الشخصي ومن المعلوم ان الاستصحاب على تقدير حجيته من باب الظن إنما يكون معتبرا من باب الظن النوعي فلا يكفي في ثبوته جريانه (والتحقيق في المقام) ان يقال إن الأحكام العقلية الثابتة لموضوعاتها اما أن يكون ثبوتها لها بملاك واحد مشترك بين صور العلم والظن والشك والوهم واما أن يكون بملاك مختص بوجودها الواقعي ولابد أن يكون له حكم طريقي آخر في موارد الشك في وجودها على ما سنبين (مثال القسم الأول) حكم العقل بقبح التشريع فان حكمه بذلك إنما هو من جهة انه تصرف في سلطان المولى بغير اذنه وهو ملاك مشترك بين ما لو علم عدم الحكم الشرعي أو شك فيه فتمام الموضوع له هو عدم احراز الحكم الشرعي والوجود الواقعي أو العدم الواقعي أجنبيان عن موضوع حكمه بالكلية ويمكن أن يكون قبح الكذب من هذا القبيل أيضا فلو فرضنا ان المبطل للصوم هو الكذب الذي يحكم العقل بقبحه لكان الاخبار عن الله وأوليائه عليهم السلام مع عدم احراز وجود المخبر به مبطلا له ولو كان مصادفا للواقع من باب الاتفاق ولا يخفى ان ذلك أجنبي عن تعيين ما وضع له لفظ الكذب لغة كما هو ظاهر (ومثال الثاني) حكم العقل بقبح التصرف في أموال الغير عدوانا فإن حكمه بذلك ناش من ملاك مختص بصورة تحقق كون المال لغير المتصرف ولكنه يحكم بقبح التصرف في المال المشكوك أيضا حفظا لعدم الوقوع في القبيح الواقعي فحكمه هذا ناش عن ملاك طريقي مغاير لحكمه الأول الناشئ عن الملاك الواقعي وفي كل مورد كان حكم العقل من هذا القبيل فلابد وأن يكون له حكم آخر طريقي أيضا في الموارد المشكوكة والوجه في ذلك هو ان حكم العقل بحسن شئ أو قبحه حيث إنه ناش عن ملاك واقعي غير مأخوذ في موضوعه العلم (فلا محالة) لابد للعقل من الحكم بقبح الاقتحام فيما لا يؤمن معه من الوقوع فيه بحكم طريقي وهذا بخلاف الأحكام الشرعية الناشئة عن المصالح والمفاسد فإن المصالح أو المفاسد ربما تكون من الأهمية بمكان موجب لجعل المتمم في ظرف الجهل كموارد النفوس والاعراض والأموال في الجملة وربما لا تكون كذلك فيرخص الشارع في اقتحامها كأغلب موارد الشبهات الموضوعية والكاشف عن كون الملاك من القسم الأول أو الثاني هو حكم الشارع بوجوب
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»