ان اعتبار اليقين بالحدوث في جريانه مفروغ عنه في محل الكلام (الثاني) انه ربما ورد في كلماتهم ان الأحكام الشرعية المتعلقة بالموضوعات الخارجية تختلف باختلاف الأسماء والعناوين وربما ورد انها لا تختلف باختلافها فربما يتوهم التناقض بين القضيتين وقد جعل في كتاب العناوين عنوانا مستقلا لتحقيق ذلك وبيان المراد من كل منهما (وتوضيح الحال) في دفع التهافت بينهما هو ان الاحكام المتعلقة بالعناوين تختلف باختلاف القرائن الخارجية والداخلية ومنها مناسبة الاحكام مع موضوعاتها فقد تقتضي القرينة ثبوت الحكم الثابت لعنوان خاص ثبوته لذات المعنون ولو مع زوال عنوانه كما في الحلية الثابتة لعنوان الحنطة مثلا حيث إن العرف يفهم من الدليل الدال عليها حلية الدقيق والخبز من دون التماس دليل آخر فلا يكون الحكم تابعا للعنوان ولا يدور مداره بقاء وقد تقتضي ثبوته للمعنون بما هو كذلك فيحكم بارتفاعه عند ارتفاعه كما في النجاسة الثابتة للعذرة فإن العرف يراها ثابتة لنفس العذرة فلا يحتملون بقاءها عند تبدلها حيوانا وفي مثل ذلك يدور الحكم مدار تحقق عنوان موضوعه وقد يشك في ذلك فلا يعلم بقاء الحكم بعد زوال عنوان موضوعه ولا عدمه بعد الفراغ عن سكوت الدليل الأول عنه اثباتا ونفيا وحينئذ فإن كان العرف يرون الوصف الزائل من مقومات الموضوع حسب نظرهم بحيث لو كان الحكم ثابتا له أيضا بدليل آخر لكانوا يحكمون بحدوث حكم جديد لموضوع كذلك فلا مجال حينئذ للاستصحاب لعدم اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة وأما ان كانوا يرون ذلك من حالاته وأوصافه بحيث لو دل دليل على ثبوته في هذا الحال ليرون ذلك ابقاء للحكم الأول في موضوعه وإن كان الدليل الأول ساكتا عنه فهذا هو مورد الاستصحاب (فتلخص) ان جريان الاستصحاب موقوف على سكوت الدليل الأول عن اثبات الحكم في الحالة الثانية وجودا وعدما وعلى كون القضية المشكوكة في الآن الثاني متحدة مع القضية المتيقنة وسيجئ توضيح ذلك في محله إن شاء الله تعالى (ثم لا يخفى) ان مناسبة الحكم والموضوع ربما تختلف باختلاف الموارد فقد يكون عنوان واحد مأخوذا في موضوعات احكام متعددة لكن العرف يرى دخله في موضوع بعضها فيحكم بارتفاعه عند ارتفاعه ولا يرى دخله في موضوع بعضها الآخر مثلا ورد في خيار العيب جواز رد المعيب إذا كان قائما بعينه وورد في التفليس ان الغريم يرجع إلى ماله إذا كان قائما بعينه وورد في الهبة جواز رجوع الواهب إذا كانت العين قائمة بعينها مع أن الفقهاء كما ترى حكموا في بابي الخيار والهبة ان مجرد تغير العين ولو بأدنى تغير يوجب المنع عن الرد والرجوع وهذا
(٤١٠)