أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٤١٢
المغلي فشك في حرمة الزبيب بعد الغليان فإن الحكم المجعول لا يحتمل نسخه حتى يستصحب كما هو المفروض وليس الشك في ارتفاعه بعد فعليته بتحقق موضوعه إذ المفروض عدم تحقق الغليان حال العنبية كي تكون الحرمة فعلية فتستصحب بعد ذلك بعد الشك في بقائها وحينئذ فكيف يمكن في مثله الاستصحاب (وغاية ما قيل) في صحته في مثل المقام وجهان (الأول) ان يقال إن الحرمة الفعلية وإن لم تكن ثابتة حال العنبية من جهة عدم الغليان المأخوذ في موضوعه إلا أن الحرمة على تقدير الغليان كانت ثابتة في تلك الحال لا محالة وكما أن الأحكام الفعلية قابلة للتعبد ببقائها في ظرف الشك فكذلك الاحكام التقديرية أيضا وحيث إن الحرمة على تقدير الغليان كانت متيقنة حال العنبية مشكوكة حال الزبيبية فيستصحب بقاؤها (ويرد عليه) ان ثبوت الحرمة على تقدير الغليان للعنب ليس ثبوتا شرعيا وحكما على موضوعه بل هو من جهة حكم العقل بأنه متى وجد جزء الموضوع المركب فلا محالة تكون فعلية الحكم متوقفة على ثبوت جزء آخر (توضيح ذلك) انا قد ذكرنا في بحث الواجب المشروط ان كل شرط يكون لا محالة مأخوذا في موضوع الحكم كما أن كل موضوع يكون شرطا في الحقيقة فقولنا يحرم العنب إذا غلى عبارة أخرى عن قولنا العنب المغلي حرام وبالعكس ولهذا الحكم ثبوتان حقيقيان تشريعا (أحدهما) ثبوته في مرحلة الجعل والانشاء مع قطع النظر عن وجود عنب في الخارج أصلا والرافع للحكم في هذه المرحلة هو النسخ ليس إلا (وثانيهما) ثبوته الخارجي بفعلية تمام موضوعه أعني به وجود العنب وغليانه إذ مع انتفاء أحد قيود الموضوع يستحيل فعلية الحكم والالزم الخلف وعدم دخل ذلك القيد في موضوعه والمفروض في المقام عدم الشك في بقائه في مرحلة الانشاء وعدم فعلية موضوعه في الخارج فأين الحكم الشرعي المتيقن حتى يستصحب وجوده (نعم) حيث إن الحكم الشرعي مترتب على الموضوع المركب فالعقل يحكم عند وجود جزء منه بكون الحكم متوقفا على ثبوت الجزء الآخر وهذا الثبوت عقلي محض وغير قابل للاستصحاب أصلا (وبالجملة) الاستصحاب لابد وأن يكون ناظرا إلى مرحلة البقاء بعد الفراغ عن الثبوت وفي المقام ليس للحكم المشكوك يقين سابق حتى يمكن التعبد ببقائه (الثاني) ان يقال إن الحرمة حال العنبية وان لم تكن فعلية إلا أن ملازمة الحرمة للغليان حالها أعني بها سببية الغليان للحرمة كانت فعلية فان صدق القضية الشرطية لا يستلزم صدق طرفيها كما هو ظاهر وحيث إن هذه السببية مشكوكة حال الزبيبية فيستصحب وجودها ويترتب عليه الحكم بحرمة الزبيب بعد الغليان (وبهذا
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»