موارد الشك أو الظن الغير المعتبر فلا يكون بل يكون تلك الموارد محكومة بحكم عقلي آخر وهو حكمه بقبح العقاب بلا بيان وهذا بخلاف بقية الأحكام العقلية فإنها كما تثبت في موارد الظن والشك أيضا فإن العقل لا يفرق بين مورد العلم بعدم صدور التكليف من المولى وبين مورد الشك في صدوره في حكمه بقبح التشريع فيهما كما أنه لا يفرق بين موارد العلم بكون المال مالا للغير وبين موارد الشك في ذلك في حكمه بقبح التصرف فيه (نعم) بين حكمه بقبح التشريع في موارد عدم العلم بعدم الصدور وبين حكمه بقبح التصرف عند الشك في كون المال مالا للمتصرف فرق أيضا فان حكمه بقبح التشريع في موارد الشك حكم واقعي ناشئ عن الملاك الذي به حكم العقل بالقبح في موارد العلم بعدم الصدور فإن قبح التشريع إنما هو لكونه تصرفا في سلطان المولى بغير اذنه وهو مشترك بين موارد العلم والشك فحكمه بالقبح في الموردين بملاك واحد مشترك بينهما وأما حكمه بقبح التصرف في موارد الشك في كون التصرف فيه مالا للمتصرف فهو حكم طريقي ناشئ عن الاهتمام بالواقعيات فالملاك فيه غير الملاك في حكمه بالقبح عند احراز كونه مالا للغير والفرق بين المقامين بذلك يستتبع ثمرات تظهر لك فيما بعد ذلك إن شاء الله تعالى * (الثالثة) * ان العلم المأخوذ في موضوع حكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية لا بد وأن يكون هو تمام الموضوع صادف الواقع أم لا ضرورة انه لو كان موضوعه هو العلم المصادف لكان احراز المصادفة الذي هو الجزء الآخر للموضوع لازما في حكمه بالوجوب وعليه فلا يجب امتثال تكليف واصل من قبل المولى أصلا لاحتمال ان لا يكون هذا الاحراز مورد الحكمة لاحتمال انكشاف الخلاف فيه وهذا يستلزم سد باب حكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية بالكلية وبالجملة فما يمكن أن يكون موضوعا للحكم العقلي هو نفس الاحراز ليس الا واما تخصيصه بفرد دون فرد فغير معقول وموجب للمحذور المذكور * (الرابعة) * ان الملاك لحكمه بوجوب الطاعة إذا استحال كونه هو القبح الفعلي والا لزم استحقاق العقاب في موارد الجهل أيضا فلا بد وأن يكون الملاك له هو القبح الفاعلي لانحصار الملاك في أحدهما وعدم قابلية شئ آخر للملاكية وإذا كان هو الملاك فلا بد من الالتزام باستحقاق المتجري للعقاب كالعاصي لثبوت القبح الفاعلي في كليهما وما يختص بالعاصي من القبح الفعلي قد عرفت كونه أجنبيا عن الملاك واستحالة كونه موجبا لاستحقاق العقاب ولا يخفى عليك ان لازم هذه المقدمات وإن كان هو استحقاق المتجري للعقاب بملاك استحقاق
(٢٩)