منها، وبدون ذلك لا يكاد يصح ان يتعلق به الإرادة الفعلية من الامر، و المصالح والملاكات الكائنة في متعلقات التكاليف من هذا القبيل، حيث إنها بنفسها لا تكون مقدورة للمكلف، ولا كانت أيضا من قبيل المسببات التوليدية لفعل المكلف بحيث يصح ان تستند إليه كالقتل والاحراق (لعدم) كون الفعل الصادر من المكلف سببا توليديا لتلك الآثار بنحو العلية التامة أو الجز الأخير منها حتى يصح بذلك وقوعها تحت إرادة الامر وتكليفه، وانما يكون ذلك من المقدمات الاعدادية المحضة لحصول الأثر، فيتوسط بين الفعل الصادر عن الفاعل والأثر أمورا اخر خارجة عن قدرة الفاعل كصيرورة الزرع سنبلا والبسر تمرا، حيث إن الفعل الصادر من الفاعل لا يكون الا حرث الأرض ونثر البذر وهو بنفسه غير كاف في حصول السنبل، بل يحتاج حصوله إلى مقدمات أخرى خارجه عن تحت قدرة الفاعل واختياره (وبذلك) لا يصلح شئ من المصالح والاغراض التي هي مناطات الاحكام لان يتعلق به إرادة الامر وتكليفه، بل ما يتعلق به الإرادة الفعلية حينئذ انما هي نفس الافعال الصادرة عن المكلف، فيندفع الاشكال المزبور من رأسه في المركبات الارتباطية (لان) المأمور به فيها انما هي الافعال الصادرة عن المكلف، دون الملاكات و المصالح والاغراض، وانما هي من الدواعي والعلل التشريعية لإرادة الامر (بخلاف) العناوين التوليدية لفعل المكلف، فإنها من جهة كونها تحت قدرة المكلف واختياره ولو بالواسطة أمكن ان يتعلق الامر بتحصيلها، ومع الاشتغال بتحصيلها ودوران محققها بين الأقل و الأكثر لا بد فيها من الاحتياط بالاتيان بالأكثر (وفيه ما لا يخفى) فإنه غاية ما يقتضيه البيان المزبور انما هو عدم وقوع المصالح والملاكات تحت الامر والتكليف بوجودها الطارد لجميع الاعدام من جهة خروجها كذلك عن تحت قدرة المكلف واختياره (لا مطلقا) حتى بحفظ وجودها من قبل الافعال الصادرة من المكلف، فإنه بعد إن كان للأفعال الصادرة من المكلف دخل في حصول الملاكات ولو بنحو الاعداد المستتبع للانتفاء عند الانتفاء لا محيص من وقوعها بهذا المقدار تحت إرادة الامر وتكليفه كما أوضحناه في مبحث مقدمة الواجب، ومرجعه إلى إيجاب حفظ الغرض وسد باب عدمه من قبل ما يتمشى منه من المقدمات الاختيارية (وعليه)
(٤٠٦)