كان أمر رفعها ووضعها بيد الشارع فما لا يكون كذلك كان خارجا عن مصب الرفع في الحديث الشريف (الأمر الرابع) الظاهر من حديث الرفع بملاحظة وروده في مقام الامتنان على الأمة هو الاختصاص برفع الآثار التي يكون وضعها خلاف المنة، فما لا يكون كذلك كان خارجا عن مصب الرفع ولا مجال للتمسك بالحديث لرفعه وان فرض الامتنان في رفعه (ولا أقل) من الشك في شمول حديث الرفع لمثله فيؤخذ بالقدر المتيقن ولا يكون ذلك الا الآثار التي كان وضعها خلاف المنة على المكلف لا مطلق ما يكون في رفعه الامتنان والتوسعة على المكلف وان لم يكن في وضعه ضيق عليه (ومن ذلك) نقول إنه لا يشمل الحديث فيما لا يعلمون الحكم الواقعي الثابت للذات في الرتبة السابقة على الشك لعدم كونه بوجوده الواقعي مما فيه الضيق على المكلف حتى يقتضى الامتنان رفعه (كما أنه) لا يشمل الجهل بالحكم وكذا الخطأ والنسيان عن تقصير من المكلف وكذلك الاضطرار ونحوه إذ لا يأبى العقل حينئذ عن فعلية التكليف واستحقاق العقوبة على المخالفة (نعم) لو بلغ التحفظ عن الوقوع في الأمور المزبورة إلى حد الحرج (يشمله) حديث الرفع لان وضع التكليف حينئذ خلاف الامتنان على المكلف (فكان) حديث الرفع من هذه الجهة نظير حديث نفي الضرر الوارد في مقام الارفاق بالأمة الغير الشامل للمقدم على الضرر (ولذلك) تريهم يفرقون في أبواب المعاملات، بين المقدم على الضرر كمورد الاقدام على المعاملة مع العلم بالغبن، وبين غيره، حيث يتمسكون بنفي الضرر على نفي لزوم المعاملة الغبنية في الثاني دون الأول، مع أن في نفي اللزوم كمال المنة على المقدم في الأول أيضا (ومما ذكرنا) من ورود الحديث في مقام الامتنان على الأمة يظهر اختصاص المرفوع أيضا بالآثار التي لا يلزم من رفعها خلاف الارفاق على المكلف (فما) لا يكون كذلك لا يشمله حديث الرفع، كما في الشرائط الراجعة إلى أصل التكليف كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج ونحوها (حيث) لا يجري فيها حديث الرفع لاقتضاء رفع الشرطية فيها لوضع التكليف على المكلف وهو خلاف الارفاق في حقه (بخلاف) شرائط الواجب فإنه يجري فيها حديث الرفع كما سنشير إليها (كما أنه) لو كان رفع التكليف عن شخص موجبا لضيق على الاخر
(٢١٢)