لا يجوز الالتزام بتركه وترتيب آثار الحرام عليه وانه يكفي في الترخيص وجواز الارتكاب مجرد عدم العلم بحرمته واقعا (وتوهم) ان التوبيخ على اليهود انما هو من جهة ما يقتضيه التزامهم بالترك من التشريع المحرم، لا من جهة مجرد الترك من باب الاحتياط (مدفوع) بان الآية كما تنفي ذلك تنفي إيجاب الاحتياط بنفس تكفلها لتجويز الاقتحام عند عدم وجدان خطاب على حرمته واقعا (فإنه) بذلك تكون الآية معارضة مع ما دل على وجوب التوقف والاحتياط، وصالحة للقرينية على تلك الأدلة على الاستحباب.
(ومن الآيات): قوله عز من قائل (وما لكم ان لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم) (وتقريب) الاستدلال بها كما في الآية السابقة، لورودها في التوبيخ على اليهود في التزامهم بترك الفعل مع خلو ما فصل عن ذكر ما يجتنبونه، بل لعل هذه أظهر من سابقتها (لان) السابقة تدل على أنه لا يجوز الحكم بحرمة ما لم يوجد تحريمه فيما أوحى إلى النبي، وهذه تدل على أنه لا يجوز التزام ترك الفعل مع عدم وجوده فيما فصل (ولكن) الدلالة موهونة بما أفاده الشيخ قدس سره من أن ظاهر الموصول العموم (فالتوبيخ) على الالتزام بترك شئ مع تفصيل جميع المحرمات الواقعية وعدم كون المتروك منها في محله (لان) لازم تفصيل المحرمات الواقعية هو العلم بعدم كون المتروك محرما واقعيا، فلا ترتبط الآية حينئذ بما نحن بصدده من جواز الاقتحام فيما شك في حرمته واقعا (هذا كله) فيما استدل به من الآيات على البراءة، وقد عرفت دلالة بعضها على المطلوب ونهوضه لابطال ما يدعيه الاخباري من لزوم التوقف ووجوب الاحتياط.
واما الأخبار الدالة على البراءة (منها): النبوي المعروف المروي في الخصال بسند صحيح كما في التوحيد عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رفع عن أمتي تسعة: الخطأ والنسيان وما أكرهوا