منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ٢ - الصفحة ٨
قبيل تحصيل الحاصل بل أسوأ، لأنه من قبيل تحصيل ما هو حاصل تكوينا بالتشريع. نعم حجيته وطريقيته بالمعنى الذي ذكرنا مجعول بالجعل التكويني وحينئذ فإن قلنا بأن الكاشفية هو ذاتي إيساغوجي للقطع، بمعنى أن القطع ليس إلا انكشاف الشئ وظهوره للقاطع، فليست صفة الكاشفية من لو أحقه وأعراضه، بل هي عينه، فتكون مجعولة بالجعل البسيط التكويني بالذات، وإن قلنا بأنها من لوازمه و لو أحقه كما يظهر من عبارة شيخنا الأعظم (قدس سره) في الرسائل فتكون مجعولة بالجعل التأليفي التكويني، ولكن بالعرض، لأنه يكون حينئذ من قبيل الذاتي في كتاب البرهان ومنتزعا من نفس ذات القطع بلا ضم ضميمة إليه، فجعل الذات مغن عن جعلها مستقلا، بل تكون مجعولة بعين جعله، وهذا معنى الجعل بالعرض.
ثم إن إطلاق الحجة على القطع ليس من قبيل إطلاق الحجة على الحد الأوسط عند المنطقيين، لان الحد الأوسط لا بد وأن تكون له علاقة وارتباط بالأكبر الذي هو محمول النتيجة، وتلك العلاقة لا تخلو إما أن تكون (هي العلية)، فيكون الأوسط علة للأكبر فيسمى بالبرهان اللمي، أو المعلولية بأن يكون الأوسط معلولا له، أو كلاهما معلولان لعلة ثالثة، ويسمى هذان القسمان بالبرهان الآني، ومن الواضح أن القطع الطريقي المحض الذي هو محل الكلام والبحث لا علاقة له بمتعلقه ولا ارتباط بينهما أصلا لا العلية والمعلولية، ولا كونهما معلولين لعلة ثالثة، هذا على أن الحد الأوسط هو الذي يوجب القطع بثبوت الأكبر للأصغر. وأما القطع، فلا يمكن أن يوجب نفسه. فقد ظهر مما ذكرنا أن إطلاق الحجة على القطع ليس بالمعنى المصطلح عند المنطقي ولا عند الأصولي، لان الحجية عند الأصولي عبارة عن تتميم الكشف في الامارات. وعن الوظيفة العملية في الأصول، كما سيجئ البحث عنها مفصلا إن شاء الله تعالى.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»