الشرعية (وإما بتوسيط منشأ انتزاعها) رفعا ووضعا (فالتفصيل) بين الأحكام الوضعية والتكليفية لا وجه له بإنكار جريان الاستصحاب في الأول دون الثاني لعدم كون وضع الأول ورفعه بيد الشارع. كما أن التفصيل بعكس هذا أيضا - كما ينقل عن الفاضل التوني - لا وجه له بل يجري في كليهما لان أمر وضعهما ورفعهما بيد الشارع في عالم التشريع.
وحيث انجر الكلام إلى ذكر الأحكام الوضعية بمناسبة نقل ما فصله الفاضل التوني (فلا بأس) بالتكلم في الأحكام الوضعية، وانها مجعولة في عالم التشريع أم لا؟ بل هي أمور منتزعة عن الوضع و التكليف.
فنقول ان الموجود على قسمين: إما موجود واقعي في الأعيان - وهو على أربعة أقسام: لأنه إما موجود في نفسه لنفسه بنفسه وهو الموجود الواجبي الذي هو عين الوجود الذي هو صرف الوجود و خالصه وبسيط غاية البساطة ليس له أجزاء عقلية من الجنس و الفصل، إذ لا مهية له بل هو فوق المقولات. وإما موجود في نفسه لنفسه ولكن لا بنفسه بل بغيره أي: بعلته، وهذا الموجود الجوهري بأنواعه. و إما موجود في نفسه ولكن لغيره وبغيره أي: لموضوعه وبعلته، وهذا هو الموجود العرضي (وقد يسمى) بالوجود الرابطي. وإما موجود ولكن لا في نفسه ولا لنفسه ولا بنفسه بل لا يوجد إلا بوجود الطرفين المنتسبين أحدهما إلى الاخر (فهو صرف) ربط خارجي بين شيئين في الخارج أو في الذهن، وهذا قد يسمى بالوجود الرابط و قد يسمى بالمعنى الحرفي، وجميع الموجودات الواقعة في الأعيان لا بد وأن تكون من أحد هذه الأقسام حتى الموجودات الذهنية فإنها أيضا واقعة في الأعيان حتى ما يكون من أنياب الأغوال (و ما يقال) فيها إنها صرف فرض الفارض فهي من جهة محكيها كذلك و أما من حيث وجودها في الذهن فهي موجودات واقعية لا بد وأن يكون