في الموضوع على نحو الطريقية فمن جهة أن المجعول فيها هو الجري العملي بما أن الواقع محرز لست أقول إنها محرزة للواقع كما ربما يوهمه ظاهر لفظة الأصول المحرزة، كيف ولو كانت كذلك، فلا يبقى فرق بينها وبين الامارات بل المراد من كونها محرزة، أن المجعول فيها عمل الواقع المحرز المكشوف والمتيقن، وإلا فالأصول مطلقا شرعية كانت أو عقلية والشرعية تنزيلية كانت أو غير تنزيلية ليست إلا وظائف عملية لا طريقية فيها ولا محرزية لها ولذلك تقدم الامارات عليها ورودا أو حكومة على اختلاف المسالك فيها، وإذا كان المجعول فيها هو ذلك الجري العملي غاية الامر في ظرف الشك واستتار الواقع وعدم انكشاف الخلاف فيكون لها أيضا كالامارات حكومة ظاهرية على أدلة الواقع فيقوم مقام القطع الطريقي المحض وعلى أدلة التي أخذ القطع في موضوع حكم سوأ كان تمام الموضوع أو بعضه على نحو الطريقية فتقوم مقام هذين القسمين من الأقسام الخمسة للقطع أيضا كالامارات.
وأما الأصول غير التنزيلية فالمجعول فيها ليس إلا وظيفة عملية من دون نظر فيها إلى الواقع أصلا، ومن هذه الجهة تكون محكومة للأصول التنزيلية، فلا معنى لقيامها مقام ما أخذ في الموضوع مطلقا، لأنه ليس إحراز فيها على الفرض ولا جرى العملي الواقع المحرز، بل في قيامها مقام القطع الطريقي المحض نحو مسامحة.
اللهم إلا أن يقال قيامها مقامه في تنجيز الواقع بها كما في أصالة الاحتياط فيما كان وجوب الاحتياط شرعيا لا عقليا كالشبهات البدوية الثلاث الدماء والاعراض والأموال، وعلى كل حال لا معنى لقيام الامارات والأصول مقام القطع الذي أخذ في الموضوع على نحو الصفتية إلا بدليل خاص يدل على تنزيلها منزلته غير أدلة اعتبارها لعدم وفاء تلك الأدلة