من حيث القوة والفعلية وغيرهما. وحاصل ما ذكره أن الافعال المشتقة من تلك المبادئ سواء كان فعل ماض أو مضارع أو أمر لا تستعمل الا في المعنى الحدثي بالوجدان، مثلا لا يستعمل اجتهد أو يجتهد أو اجتهد الا في الاستنباط الفعلي الذي هو معنى حدثي أو في الجد والجهد ومطلق السعي وهو أيضا كذلك معنى حدثي، وهكذا الحال في سائر الأفعال المشتقة من سائر المواد، ولم نشاهد بالوجدان استعمال فعل من الافعال في المعنى غير الحدثي فلا يقال أتجر بمعنى أنه أخذ التجارة حرفة له أو صاغ أي أخذ الصياغة صنعة له أو اجتهد أي صار ذا ملكة الاجتهاد وهكذا، وبعيد كل البعد أن يكون المبدأ في الافعال والأسماء مختلفا، وبناء على هذا فالمبدأ في الأسماء أيضا ذلك المعنى الحدثي لا الملكة أو الحرفة أو الصنعة و أمثالها. وحينئذ السر - في إطلاق المشتق إذا كان من الأسماء على الذات المنقضي عنها التلبس إطلاقا حقيقيا - هو ان العرف يرى أن من يزاول هذه الأعمال ويجعلها شغلا وحرفة لنفسه متلبسا بها دائما ويرون فترات الانقضاء بحكم العدم ولا يرونها موجبة لانقطاع هذه الأعمال لينفى التلبس بها حتى يكون داخلا في محل الخلاف.
هذا حاصل ما أفاده طاب ثراه. ولكن أنت خبير بأن في مثل العدالة المنتسبة إلى الذات عند قولك زيد عادل لا يمكن أن يكون المبدأ فيها معنى حدثيا، لأنه ليس بمعنى حدثي في البين، بل المراد من العادل هو الذات المتلبسة بالملكة وهكذا في المجتهد بمعنى كونه ذا ملكة الاجتهاد.
و (بعبارة أخرى) هذا المعنى أي اختلاف المبادئ وكونها على أنحاء مما لا يمكن أن ينكر، هذا مضافا إلى صحة إطلاق المجتهد إطلاقا حقيقيا مع عدم استنباطه الفعلي أصلا وعدم مزاولته له ولو في مسائل قليلة حتى نقول بأن العرف يرى الفترات بحكم العدم. وأما السر - في عدم كون المبادئ في الافعال من قبيل الملكة والحرفة و أمثالهما لو سلمنا ذلك فهو أن هيئة الافعال موضوعة لانتساب الحدث و الفعل بالمعنى الحدثي إلى الذات انتسابا صدوريا أو وقوعيا أو غير ذلك، فلا معنى لان يكون المبدأ