الاطلاقي بمعنى أنه لو كان ثبوت المحمول للموضوع وتلبسه به في غير زمان النطق كان عليه البيان، وإذ ليس، فلا بد وأن يكون مراده التلبس في تلك الحال لا من جهة دلالتها وضعا. وعلى كل حال هذا الظهور ليس من ناحية مفهوم المشتق الذي هو محل الكلام، بل هذا راجع إلى ظهور الجملة ظهورا إطلاقيا لا وضعيا. ولو كان وضعيا كان أيضا خارجا عن محل الكلام وما نحن فيه، فلا وجه لتوهم المنافاة بين ما ذكرنا في معنى المشتق وما ذكروه في ظاهر الجملة الاسمية من باب الظهور الاطلاقي وعدم ذكر الرابط الزماني. واما اختلاف الشيخين - أي الفارابي وابن سينا - في عقد وضع القضية و انه موجهة بالامكان أو بالفعلية فأجنبي عن هذا المقام بالمرة.
(الامر الرابع) - أن اختلاف المبادئ بحسب الفعلية والقوة والحرفة والملكة وغيرها من الأنحاء لا يوجب اختلافا فيما نحن فيه من أن المشتق هل هو حقيقة في خصوص المتلبس في الحال أو الأعم منه ومما انقضى نعم يختلف التلبس والانقضاء مصداقا لا مفهوما بواسطة اختلاف المبادئ.
(بيان ذلك) أن المبدأ في المجتهد لو كان هو ملكة الاجتهاد فمصداق التلبس وجود تلك الملكة وفعلية اتصاف الذات بالملكة لا فعلية اتصاف الذات بالاستنباط الفعلي، وهكذا في طرف الانقضاء لا يتحقق الانقضاء الا بزوال تلك الملكة لا بزوال الاستنباط الفعلي ففي حال النوم أو غيره من الأحوال التي لم يكن متلبسا فيها بالاستنباط الفعلي لا يصدق عليه الانقضاء، واما لو كان المبدأ هو الاستنباط الفعلي فيصدق الانقضاء في أمثال هذه الأحوال قطعا. وهكذا الحال في سائر المبادئ والمشتقات. و (بعبارة أخرى) كلامنا في وضع الهيئة و انها هل وضعت لخصوص المتلبس في الحال أي في حال الجري أو للأعم منه ومما انقضى وهذا لا ربط له باختلاف المواد والمبادئ من حيث الوضع والمعنى، فاستدلال بعضهم - على الأعم بصدق المجتهد - مثلا على الذي ليس مشغولا بالاستنباط فعلا - صدقا حقيقيا - ليس في محله.
وقد ذكر أستاذنا المحقق في هذا المقام ما يظهر منه إنكار اختلاف المبادئ