من غير علة، كما أن معنى الرجوع إلى الأصول العملية - قبل الفحص مع العلم بوجود حجج معتبرة في مواردها - هو عدم الاعتناء بتلك الحجج والأمارات هذا مضافا إلى ما ذكرنا من الفرق بين البابين، وهو أن موضوع الأصول العملية مأخوذ فيه اليأس عن الظفر بالدليل بعد الفحص.
(الثاني) - كون هذه العمومات في معرض التخصيص، فان بناء الشارع غالبا على ذكر العام بصورة العموم أولا، ثم إخراج الافراد أو الأصناف غير المرادة بالمخصص المنفصل، ولذلك ترى أن العموم في الكتاب العزيز أو في السنة النبوية أو أحد الأئمة المتقدم زمانا، و المخصص يصدر عن لسان أحد الأئمة المتأخر زمانا صلوات الله عليهم أجمعين، وإذا كان الامر كذلك، فلا تجري أصالة العموم أو أصالة الاطلاق، من جهة أن هذه أصول عقلائية ومدرك حجيتها هو بناء العقلا وسيرتهم في محاوراتهم، ولا يمكن إثبات مثل هذه السيرة و البناء في مثل المقام أي فيما إذا كان العام في معرض التخصيص وكان دأب المتكلم وديدنه بيان مراده بالمخصصات والمقيدات المنفصلة، بل يمكن دعوى استقرار بنائهم وسيرتهم على العدم (و بعبارة أخرى) لا يحصل الوثوق والاطمئنان بإرادة العموم بعد ما كان من دأبه وعادته بيان مراده بالمخصصات المنفصلة. والأصول العقلائية - كأصالة العموم والاطلاق - ليست أصولا تعبدية، بل إنما يعملون بها من باب الوثوق والاطمئنان ولو نوعيا، وبعد الفحص فيما بأيدينا من الحجج وعدم العثور على المخصص والمقيد يحصل ذلك الوثوق والاطمئنان، وأيضا بعد الفحص وعدم العثور على المخصص أو المقيد يعلم بخروج ذلك المورد عن أطراف المعلوم بالاجمال من جهة أن العلم تعلق بوجود المخصصات والمقيدات بالنسبة إلى العمومات والاطلاقات فيما بأيدينا من الحجج فإذا تحقق الفحص بالنسبة إلى عموم أو إطلاق ولم يوجد المخصص والمقيد فيحصل الاطمئنان بخروج هذا العام أو هذا الاطلاق مثلا عن دائرة ذلك العلم الاجمالي من أول الامر، وإلا لو كان لبان.