الاتصاف بالوجود عدم الاتصاف به لا الاتصاف بالعدم، بل لما ذكرنا من أن الملاك في لب الواقع إما مطلق أو مقيد بوجود عنوان الخاص أو بعدمه، ولا يجوز الاهمال. والاطلاق والتقييد بوجود الخاص لا يمكن، لأنه مناقض للتخصيص، فلا يبقى إلا التقيد بعدم ذلك العنوان، فلا يمكن عدم التقيد بعدم ذلك العنوان الخاص، إلا فلا بد و أن يكون العام مطلقا بالنسبة إليه، لأنا لا نعني من الاطلاق إلا عدم تقيده بوجود خصوصية من الخصوصيات الطارئة عليه وعدم تقيده بعدمها أيضا بشرط أن يكون المحل قابلا للتقييد. والمفروض في المقام عدم تقيد العام بوجود عنوان الخاص قطعا، فلو لم يكن مقيدا بعدمه لزم أن يكون مطلقا.
والمفروض أنه ليس بمطلق فلا بد وأن يكون مقيدا بعدم تلك الخصوصية، وهو عين الاتصاف بالعدم وهذا هو المراد من قولهم أن الخاص يوجب تعنون العام بعنوان عدم الخاص.
هذا كله إذا كان المخصص لفظيا. وأما إذا كان لبيا كالاجماع ودليل العقل، فربما يقال بجواز التمسك في المصداق المشتبه إلا إذا كان ذلك الدليل اللبي - كالقرينة المتصلة - مانعا عن انعقاد ظهور العام في العموم، مثلا لو قال أكرم جيراني وحكم العقل أو قام إجماع على عدم وجوب إكرام أعدائه، فان كان ذلك الدليل العقلي أو الاجماع مانعا عن انعقاد ظهور العام أي قوله أكرم كل واحد من جيراني في العموم حتى بالنسبة إلى أعدائه، فليس هناك عموم حتى يتمسك به في مورد الشك وأما إن لم يكن كذلك أي لم يكن كالتقييد بالمتصل مانعا عن انعقاد الظهور بل انعقد الظهور في العموم، فأصالة الظهور حجة الا فيما إذا قطع بالخروج عن تحت العام وأنه ليس بمراد، ففي المصداق المشتبه حيث أنه لا قطع بالخروج لا مانع من شمول أصالة العموم له، وذلك الظهور حجة بالنسبة إليه. ولكن التحقيق أنه لا فرق بين المخصص اللفظي واللبي في تقييد حجية العام بما عدا الخاص، لما ذكرنا من أنه بعد خروج الخاص عن تحت العام بواسطة دليل لفظي أو لبي، فالعام بالنسبة إلى ذلك العنوان