بأحد تلك العقود، كالبيع وقت النداء أو يتعلق بالمعنى الاسم المصدري أي ما هو الصادر. أما الأول فقد تقدم أنه لا يدل على الفساد، لما ذكرنا من الوجه. وقد ذكر شيخنا الأستاذ (قده) وجها آخر وهو أن ما تعلقت به الحرمة أو الوجوب يخرج عن كونه مقدورا بعد تعلق أحد هذين به في عالم التشريع. وعليه بنى عدم صحة أخذ الأجرة على الواجبات إلا النظامية منها مطلقا، سواء كان نفسيا أم غيريا عينيا.
أم كفائيا تعيينيا أم تخييريا، من جهة أن الوجوب في جميع هذه الصور سلب السلطنة والقدرة بالنسبة إلى الفعل الواجب، ومعلوم أن من شرائط صحة الإجارة في الافعال أن يكون فعل الأجير تحت قدرته و سلطانه. وأما الواجبات النظامية أي الحرف والأشغال التي يتوقف عليها السوق ونظام المجتمع، فالواجب فيها ليس ذات الفعل ونفسه، بل الواجب الاشتغال بهذه الاشتغال (وبعبارة أخرى) الواجب المعنى المصدري أي إصدار هذه الأفعال لا المعنى الاسم المصدري أي نفس هذه الأفعال التي تصدر منه، فنفس الفعل يبقى تحت قدرته و سلطانه، فيصح أخذ الأجرة عليه.
والحاصل أن الحرمة إذا تعلقت بالمعنى الاسم المصدري أي بالمنشأ الصادر، وربما يعبر عنه بالمسبب لا بالمعنى المصدري أي إنشاء ذلك الصادر بأحد أسبابه وربما يعبر عن ذلك بالنهي عن السبب أو التسبب، فيدل على أن ذلك المنشأ ليس تحت قدرته واختياره شرعا، فكما أنه لو لم يكن قادرا - تكوينا - على إيجاد ذلك المعنى لم يكن يوجد، فكذلك في مورد عدم القدرة التشريعية. وأما إذا تعلقت بالمعنى المصدري فيبقى نفس الفعل تحت قدرته وسلطانه، فيشمله دليل الامضاء.
واما الاستدلال على دلالته على الفساد في باب المعاملات بالاخبار المعللة لعدم فساد نكاح العبد بدون اذن سيده بأنه لم يعص الله و انما عصى سيده، فالرواية تدل على أنه لو كان عصى الله وكان الله نهى عن هذه المعاملة لكانت فاسدة، وفيه أن المراد من هذه الرواية أن نكاح العبد ليس مما لم يشرعه الله كنكاح المحارم، غاية