عن جعلهما وثبوت الملاك لكل واحد منهما، ووجه عدم جريان الترتب في المفروض هو لزوم طلب الحاصل وذلك من جهة أن عصيان كل واحد منهما ملازم لامتثال الاخر ففي ظرف عصيان أحدهما الامر بالآخر يكون من قبيل طلب الحاصل مثلا لو كان استقبال القبلة في العراق الأوسط واجبا في وقت مخصوص، واستدبار الجدي حراما في عين ذلك الوقت فعصيان النهي بإيجاد الاستدبار و الاستقبال - في ذلك الظرف - حاصل فيكون طلبه طلب الحاصل. وهكذا الامر في الطرف الآخر وكذلك الجهر والاخفات فيما إذا كان أحدهما أهم فوجوب المهم منهما مشروطا بعصيان الأهم من قبيل طلب الحاصل إذا كان المخاطب هو القارئ لفاتحة الكتاب لا الشخص حتى تقول بإمكان تركهما جميعا فان القارئ لفاتحة الكتاب مثلا لا بد له من أحدهما.
(التنبيه الثامن) في أن الترتب لا يجري في باب الاجتماع بناء على أن التركيب بين متعلقي الأمر والنهي انضمامي لا اتحادي، لأنه لو كان التركيب بينهما اتحاديا لخرج من باب التزاحم بل يكون من باب التعارض. والدليلان الشاملان لمورد الاجتماع بالعموم أو الاطلاق يكونان متعارضين. والسر في عدم جريان الترتب في ذلك الباب هو أنه بناء على تغليب جانب النهي لا يمكن أن يقال: إن عصيت النهي أي إن غصبت مثلا فصل لأن الغصب الذي به يتحقق عصيان النهي عن الغصب إن كان هو الغصب الذي يوجد في ضمن الصلاة وينطبق عليها ففي ذلك الظرف تكون الصلاة موجودة وحاصلة فيكون طلبه طلب الحاصل، وان كان غصبا آخر غير منطبق على الصلاة فيكون طلبا للممتنع وإن كان مطلقا يلزم كلا المحذورين.
فقد ظهر مما بينا إلى الان أن الترتب يجري في القسمين من الأقسام الخمسة التي ذكرنا للتزاحم: (الأول) - فيما إذا كان التزاحم من جهة التضاد بين متعلقي الحكمين كالازالة والصلاة مثلا (الثاني) - فيما إذا كان التزاحم من جهة وقوع حرام نفسي مقدمة لواجب أهم كالتصرف في أرض الغير بدون اذنه، بل مع منعه لانقاذ الغريق