ثم إنه لو كان في كلا القسمين رفع الموضوع بمعنى إعدام شرطه تكوينا بيد المكلف ولكن لم يكن للخطاب الاخر تعرض لرفع الموضوع كما هو المفروض، لأنه في القسم الأول حسب الفرض ليس قابلا للتعرض، وفي القسم الثاني وان كان قابلا له لكن لا تعرض حسب الفرض فلو كان متعلقهما مما لا يمكن للمكلف الجمع بينهما فيكون تكليفا بالمحال ولا يصح صدوره عن الحكيم بمجرد قدرة المكلف على إعدام موضوع أحدهما وذلك من جهة عدم جواز التكليف بالمحال، ولو كان متعلقا على أمر يمكن رفعه وإعدامه فلو قال صل مطلقا سواء أزلت النجاسة عن المسجد أم لا، وإن دخلت المسجد أزل. والمفروض ان الإزالة والصلاة مثلا ضدان لا يقدر المكلف على الجمع بينهما فبمحض تعليق الإزالة على أمر يمكن عدم إيجاده - كدخول المسجد في المثال المفروض - لا يرتفع محذور طلب الضدين وما هو المحال، أترى أنه يجوز أن يقول إذا دخلت الدار فاجمع بين الضدين أو النقيضين مثلا؟ (والحاصل) أنه لا فرق في نظر العقل وحكمه بقبح تكليف ما لا يطاق بين ما إذا كان التكليف مطلقا أو كان معلقا على أمر يكون وجوده وعدمه تحت اختيار المكلف.
ومما ذكرنا ظهر ان ما نسب إلى أستاذ جملة من أساتيذنا الميرزا الكبير الشيرازي (قدس سره) - من تصحيح الترتب بأن عصيان الأهم الذي هو موضوع خطاب المهم تحت اختيار المكلف فيمكن أن لا يعصي الأهم حتى يقع في محذور لزوم امتثال الضدين والاتيان بالمحال - ليس كما ينبغي، بل كما أفاد شيخنا الأستاذ (قده) لا ينبغي أن يظن بصدور مثل هذا الكلام من ذلك الأستاذ العظيم الشأن و ذلك من جهة أنه لو اعترفنا بأن مفاد الامرين الذين أحدهما مترتب على عصيان الاخر هو طلب الجمع بين متعلقيهما الذي لا يمكن ولا يقدر المكلف عليه، فطلب هذا المحال - بصرف أنه معلق على العصيان الذي هو تحت الاختيار وجودا وعدما - لا يخرج عن كونه قبيحا بحكم العقل، بل لا يمكن بناء على ما رجحنا من أن حقيقة الطلب و الامر هو البعث نحو أحد طرفي الامر المقدور وان جوز أحد ارتكاب القبيح على الحكيم أو