باق مع انعدام علته بتمامها من مقتضية وجميع شرائطه، فيمكن تصوير وجود المقتضي مع جميع الشرائط لذلك الضد المعدوم لأنه لا يكون - بناء على هذا - من الجمع بين المقتضيين للضدين حتى تقول بأنه محال فلا يبقى وجه لعدمه إلا وجود هذا الضد الموجود، لكونه مانعا عنه فبعيد إلى الغاية لان مثل هذه الهفوة التي صدرت من المفوضة لا ينبغي أن تستند إلى ذلك المحقق المدقق الذي بلغ من التحقيق والتدقيق مرتبة حتى لقب بالعقل الحادي عشر، فتحقق مما ذكرنا أن هذا الدور لا يمكن أن يجاب عنه إلا بما ذكرنا وهو يهدم أساس المدعى أي مقدمية أحد الضدين للآخر وجودا وعدما.
وأما ما قيل - من عدم جواز تقدم الشئ على ما يصلح أن يكون علة له تأييدا وتثبيتا له - أي للدور - بمعنى أن المفروض أن الضد الموجود أيضا متوقف على عدم الضد الاخر (توقف وجود الشئ على عدم مانعه) على تقدير وجود المقتضي مع جميع الشرائط له و ان كان هذا التقدير محالا لما ذكرنا - فكلام فارغ، لأنه بعد كون هذا التقدير محالا وممتنعا فلا يكون وجود الضد الموجود متوقفا على عدم ذلك الضد الاخر (توقف وجود الشئ على عدم مانعه) لان ثبوت المانعية للضد المعدوم محال (وبعبارة أخرى) ليس في البين توقف من الطرفين لا وجود الضد الموجود متوقف على عدم الضد المعدوم، إذ في فرض وجود الضد الموجود لا يمكن أن يوجد المقتضي للضد المعدوم حتى يوجد ويكون مانعا، فليس عدمه من قبيل عدم المانع حتى يكون وجود الضد الموجود متوقفا عليه (توقف وجود الشئ على عدم مانعه) وفرض المانعية له في هذه الصورة فرض محال لا يوجب توقفا أصلا ولا عدم الضد المعدوم يكون متوقفا على وجود الضد الموجود (توقف العدم على وجود المانع) و ذلك من جهة استناد العدم إلى أسبق علله وهو عدم المقتضي الذي لا يمكن أن يوجد مع وجود المقتضي لهذا الضد الموجود. هذا إذا قلنا بعدم إمكان وجود كلا المقتضيين لكلا الضدين معا، وأما إذا قلنا بإمكان ذلك مع إمكان وجود جميع شرائطهما فلا محالة