من أن هذا الشك مسبب عن الشك في تعلق الوجوب بالأكثر أو بالأقل، فإذا ارتفع هذا الشك بالبراءة عن وجوب الأكثر تعبدا فيرتفع موضوع الاستصحاب تعبدا وهذا عين الحكومة، فتلخص أن في جميع موارد الأقل والأكثر التي تجري فيها البراءة عن الأكثر تكون البراءة حاكمة على استصحاب بقاء الوجوب بعد إتيان الأقل.
(المقام الثاني) - في أن الاطلاق أو الأصل العملي عند فقده هل يقتضي كون الواجب إراديا اختياريا أو لا؟ بمعنى أن الوجوب هل تعلق بالفعل المقيد بكونه مرادا أو الحصة التوأمة منه مع الإرادة أو جاء التضييق من قبل نفس الامر بمعنى أن الامر حيث أنه لغرض احداث الداعي في المكلف و تحريكه لان يريد فيفعل فلا يعقل شموله للفعل غير المراد، فقهرا يتضيق متعلق الامر ويختص ما نسميه الواجب بالفعل الذي يكون متعلقا للإرادة ولا يمكن أن يكون مطلقا.
وتحقيق المقام هو أنه لا ينبغي أن يشك في أن الافعال بموادها و هيئاتها غير مأخوذة فيها الإرادة والاختيار لا الاختيار الذي هو بمعنى الإرادة ولا الذي هو مقابل للكراهة ولا الذي هو مقابل للاضطرار، و ذلك لوضوح صدق الأكل والشرب مثلا على الأكل والشرب اللذين صدرا بغير إرادة وعن إكراه وعن اضطرار، وهكذا بالنسبة إلى هيئة أكل وشرب ويأكل ويشرب ولا فرق في الهيئات بين هيئة الامر وبين هيئة الفعل الماضي والمضارع، وأما احتمال مجئ التضييق من قبل نفس الامر في المتعلق لأنه لغرض تحريك المكلف إلى أن يريد فيفعل، لان الامر عبارة عما هو يحدث الداعي إلى الفعل في المكلف ولا يمكن إحداث الداعي إلى الفعل مع الغفلة وبدون الإرادة، فلا بد أن يكون ما يصدق عليه أنه مأمور به وما يكون مصداقا للواجب بالحمل الشائع الصناعي هو الفعل لا مطلقا أي سواء أراد أم لا بل الفعل التوأم مع الإرادة، فمضافا إلى أن هذا الاحتمال في حد نفسه لا يخلو عن إشكال لا يفيد تضييق الواجب بحيث لا ينطبق على الفعل غير المراد لأنه على فرض عدم شمول الامر للحصة غير المرادة لا فرق بين الحصتين في شمولهما للمصلحة أصلا. أما (أولا) فمن