منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٢٣
عدمها ضرورية العدم، ولا بد من انتهاء علتها أيضا إلى علة تامة قديمة لبطلان التسلسل كما تقدم، فلا فرق من ناحية هذا الاشكال بين أن تكون حملة النفس هو الجز الأخير من العلة التامة للفعل أو تكون هي الإرادة.
والجواب عن هذا الاشكال بأن الاختيار ذاتي للنفس لا يسمن ولا يغني من جوع لأنه إن كان مراد هذا القائل من الاختيار فعلية هذه الحملة وأنها ذاتية فهذا كذب واضح، لان هذه الحملات أمور تتجدد على النفس وتنعدم، فكيف يمكن أن تكون ذاتية لها، وإن كان المراد أن قوة هذه الحملات واقتدار النفس عليها ذاتية لها فهذا شئ معلوم، ولكن يبقى السؤال ان فعلية هذه الحملة تحتاج إلى علة تامة بحيث يجب وجودها بوجود تلك العلة وهكذا إلى أن ينتهي إلى علة قديمة لما ذكرنا من بطلان التسلسل فلا فرق فيما ذكرنا بين أن تكون النفس علة لوجود الإرادة أو تكون علة لهذه الحملة.
ومما ذكرنا ظهر أيضا عدم تمامية ما أفاده أستاذنا المحقق (ره) في هذا المقام، وهو أن الاختيار من لوازم وجود الانسان وليس مجعولا بجعل مستقل بل هو مجعول بنفس مجعولية الانسان، ثم يلتفت إلى ما ذكرنا من أن فعلية الاختيار لا يمكن أن تكون من لوازم وجود الانسان وهذا كذب واضح، فيقول ان الاختيار قبل صدور الفعل قوة في الانسان فإذا صدر الفعل يصير ما بالقوة بالفعل، فنقول كل شئ يكون بالقوة فصيرورته فعليا يحتاج إلى علة تامة إلى أن ينتهي إلى علة تامة قديمة لما ذكرنا من بطلان التسلسل وعدم إمكان وجود الشئ بدون وجود علته التامة وكون النفس علة لتلك الفعلية لا يرفع هذه الشبهة.
فإذا في رفع هذه الشبهة لا بد وأن يقال اما بأنها شبهة في مقابلة الوجدان كما قال جمع كثير من الأعاظم من أصحابنا الامامية لأننا بالوجدان نرى الفرق بين حركة اليد المرتعشة وحركتها الإرادية وان الأولى جبرية والثانية اختيارية وليس برهان أصدق من الوجدان، واما أن نقول بما قاله الحكماء من أن وجوب الفعل
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»