منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٢٥
المبعوثية، والهيئة إما موضوعة لكلتا النسبتين أو لخصوص نسبة المبعوثية أي نسبة مبعوثية المأمور إلى إيجاد المادة، وجميع ما ذكر من المعاني لصيغة الامر يكون من قبيل الدواعي لايجاد هذه النسبة فلم تستعمل الصيغة في واحد منها فضلا عن أن يكون هو الموضوع له.
(الجهة الثانية) - في إفادتها الوجوب، وقد تقدم مفصلا - في دلالة مادة الامر على الوجوب - أن طبع الطلب يقتضي لزوم إيجاد المادة، وأن المأمور لو لم يوجدها لعد عاصيا، إلا أن يأذن المولى في الترك، فبناء على هذا الاستحباب يحتاج إلى المئونة الزائدة في مقام البيان، وقد تقدم أن كل ما يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة، ولم يكن بيان لتلك الخصوصية الزائدة، فالاطلاق يرفعه ويوجب ظهور اللفظ فيما لا يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة، ففي المقام حيث أن الذي يحتاج بيانه إلى مئونة زائدة هو الاستحباب، لأنه يحتاج إلى الاذن في الترك، بخلاف الوجوب، فإنه لا يحتاج إلى أمر زائد على أصل الطلب، فالاطلاق يوجب ظهور الصيغة في الوجوب. نعم هذا الظهور إطلاقي وليس بوضعي. ولا فرق في حجية الظهور بين أن يكون وضعيا أو إطلاقيا.
نعم من يقول بأن الوجوب والاستحباب كلاهما مركبان ومشتركان في طلب الفعل، ومتميزان بالمنع من الترك والاذن فيه، فكل واحد منهما يحتاج إلى مئونة زائدة، فلا يمكنه أن يتمسك بالاطلاق للظهور في الوجوب، وكذلك من يقول بأن الفرق بينهما بشدة الطلب في الوجوب وضعفه في الاستحباب أيضا لا يمكنه التمسك بالاطلاق لاستفادة الوجوب.
وأما ما يقال - من أن شدة الطلب ليس الا عين الطلب، لان ما به الامتياز من سنخ ما به الاشتراك، كما هو الشأن في التشكيك الخاصي فلا تنافي البساطة: وذلك كالوجود الواجبي بناء على أن الوجود حقيقة واحدة متفاوتة بالكمال والنقص، فإنه مع كمال شدته بسيط غاية البساطة وليس له حد محدود، بخلاف الاستحباب، فإنه
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»