مسماة بالإرادة أو الطلب، نعم قد يكون الداعي إلى إنشاء هذا المفهوم وإيجاده في عالم الاعتبار تلك الصفة والكيفية النفسانية. وعلى كل حال لو قلنا بهذه المقالة، فلا يبقى إشكال في البين أصلا، لأنه حينئذ نقول في الأوامر الامتحانية بوجود الطلب الانشائي والإرادة الانشائية معا وهما متحدان، ولا يلزم منه محذور، لان المحذور يلزم من وجود الإرادة الحقيقية لا الإرادة الانشائية، لأنه لا مانع من أن ينشئ الشارع مفهوم الطلب والإرادة في عالم الاعتبار بمادة الامر أو بصيغة افعل بداعي الامتحان، نعم يبقى الكلام في صحة هذا المسلك، وسيجئ في مفاد صيغة افعل إن شاء الله.
وأما في (الصورة الثانية) أي في صورة الاعتذار والأوامر المتوجهة إلى الكفار والعصاة، فبالفرق بين الإرادة التكوينية والتشريعية، و ان الذي لا يمكن تخلف المراد عنها هي الإرادة التكوينية لا التشريعية لان الإرادة التشريعية عبارة عن الإرادة المتعلقة بفعل الغير، الصادر عنه بالاختيار لا بالقهر والاجبار، فصدور الفعل عنه بالقهر و الاجبار خلف وتخلف للإرادة عن المراد. نعم قد تتعلق الإرادة بصدور الفعل عن غير المريد مطلقا سواء اختار أو لم يختر، وسواء كان الفاعل من ذوي الشعور أو لا. لمصلحة في ذلك الفعل مطلقا من دون تقييده بكونه صادرا بالاختيار، فحينئذ إن كان مثل تلك الإرادة صادرة عن القادر المطلق الذي إذا أراد شيئا فقال له كن فيكون.
فلا محالة يقع ذلك الفعل كقوله تعالى للسماء والأرض:
ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ومثل هذه الإرادة لا تسمى بالإرادة التشريعية بل هي تكوينية، والإرادة التشريعية - كما - ذكرنا - عبارة عن الإرادة المتعلقة بفعل الغير الذي يصدر عنه بالاختيار. ومعلوم أن مثل هذه الإرادة ليست ملازمة لاتيان متعلقها، و لو كان المريد قادرا مطلقا لا يشذ عن حيطة قدرته شئ. وقد ظهر مما ذكرنا أنه لا فرق بين الإرادتين بحسب حقيقتهما، وانما الفرق بينهما بحسب متعلقهما حيث أن متعلق الإرادة التكوينية فيما إذا تعلقت بالافعال هو فعل نفس