منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١١٩
المريد أو فعل الغير مطلقا طوعا أو كرها، واما متعلق الإرادة التشريعية فهو فعل الغير الصادر عنه بالاختيار (وبعبارة أخرى) المراد منه في هذه الإرادة هو القادر المختار ففرض عدم اختياره وكونه مجبورا في فعله خلف.
واما ما ذكره بعض المحققين (ره) في حاشيته على الكفاية في بيان الإرادة التشريعية بأنها لا تتعلق بفعل الغير الا إذا كان ذلك الفعل الذي يصدر من الغير ذا فائدة عائدة إلى المريد وحيث أن فعل العبد ليس فيه فائدة عائدة إلى الله تعالى عن ذلك فلا يمكن تعلق إرادته بفعل العبد بل يتعلق بإيصال النفع إلى العبد بتحريكه وبعثه نحو الفعل وإيصال النفع إلى العباد بالبعث وتحريكهم نحو الافعال الحسنة والزجر عن السيئات فعله تبارك وتعالى لا فعل العبد.
فعجيب (أولا) من جهة أن إيصال النفع أيضا ليس فيه فائدة عائدة إليه تعالى لأنه لا نقص فيه حتى يستكمل بمثل هذه الفائدة فلو كانت إرادته تعالى لفعل من أفعال نفسه أو غيره منوطا بوجود فائدة عائدة إليه في ذلك الفعل لم تتعلق إرادته بفعل من الافعال لما ذكرنا من عدم النقص فيه تعالى وعدم احتياجه إلى فائدة تصل إليه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ولو كان تعلق الإرادة بأي معنى كان من جهة صلاح ووجود مصلحة في متعلقها - كما هو الصحيح والحق الصريح الذي يجب المصير إليه - فلا فرق بين فعل الغير وبين إيصال النفع إلى الغير في اشتمال كليهما على المصلحة في بعض الأحيان، و (بعبارة أخرى) الإرادة مطلقا من الله أو من الخلق تابعة لما يرى المريد في متعلقها من المصلحة إذا كان المريد عاقلا حكيما غير تابع للشهوات مجتنبا عن السفهيات ولا فرق بين أن تكون تلك المصلحة راجعة إلى النوع - أي تكون مصلحة للنوع والنظام والمجتمع - وبين أن تكون راجعة إلى شخص المريد أو إلى شخص المراد منه بواسطة لطف المريد بالنسبة إليه، ولا يمكن أن تكون دائرة متعلق الإرادة أوسع مما له المصلحة أو تكون أضيق منه، بل كل ما له دخل في المصلحة لا بد أن يكون تحت الإرادة، وكل ما ليس له دخل فيها لا بد أن يكون خارجا عن تحتها لما ذكرنا من التبعية.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»