(إن قلت): نحن قبال الامر الواقع، لأنه لا شك في وجود الجامع بين موضوعات المسائل بل بين كل شيئين أو الأشياء.
(قلت): إن كان المراد وجود جامع ذاتي ماهوي يكون بالنسبة إلى موضوعات المسائل كالكلي الطبيعي بالنسبة إلى افراده ومصاديقه، فهذا شئ لا دليل عليه، بل الدليل على عدمه. ألا ترى أن موضوعات المسائل الفقهية بعضها من مقولة الجوهر، وذلك مثل (الدم نجس) مثلا، وبعضها الاخر عرض ومن أفعال المكلفين، ولا جامع ذاتي بين الجوهر والعرض كما هو واضح. وإن كان المراد وجود جامع عرضي ومن قبيل المفاهيم العامة - كمفهوم (شئ) وما يشابهه و يساوقه - فهذا وإن كان صحيحا الا أنه يرد عليه (أولا) - أن مثل هذا الجامع بين المحمولات أيضا موجود، فلما ذا خصصوا التكلم بالموضوع وسكتوا عن المحمول. و (ثانيا) - أنه يلزم من كون الجامع ذلك المفهوم العام أن يكون لجميع العلوم موضوع واحد، وهو أحد تلك المفاهيم العامة.
وذلك هدم لما أسسوا. و (ثالثا) - لا يجتمع هذا مع ما اتفقوا عليه من أن موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية، لأنه من الواضح أن محمولات المسائل ليست من العوارض الذاتية لذلك المفهوم العام العرضي الخارج المحمول.
فتلخص من مجموع ما ذكرناه أن أمثال علمنا هذا - من العلوم التي جمعت مسائل متشتتة مختلفة الموضوعات والمحمولات لأجل غرض - لا موضوع لها الا موضوعات مسائلها، بخلاف القسم الأول، فان مدار علمية العلم فيه ليس الا تعيين الموضوع، والتكلم والبحث عن حالاته. وقد عرضت هذا التحقيق والتفصيل بين القسمين على أستاذي المحقق (قده) فارتضاه وضبطه في مقالاته.
ثم إنه بناء على أن يكون لكل علم موضوع أو بالنسبة إلى العلوم التي لها موضوع قلنا: إنهم عرفوه بأنه ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية، وقسموا العرض - عند بيان المراد من العرض الذاتي - إلى أقسام سبعة: ما يعرض الشئ لذاته وبلا واسطة أصلا، واتفقوا على أن هذا القسم عرض ذاتي، وما يكون بواسطة جزئه المساوي