منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٧
الحقائق أنواعا وأجناسا، وبحثوا عن حالات كل واحد منها على حده، فصار البحث عن حالات كل واحد منها عاما غير سائر العلوم، و كان من الممكن أن يجعلوا جميع العلوم التي هي من هذا السنخ عاما واحدا. وذلك بأخذ مفهوم عام جامع لجميع موضوعات العلوم و البحث عن حالاته التي هي عبارة عن جميع حالات جميع تلك الموضوعات، كما أنهم عرفوا الحكمة بأنها العلم بأحوال أعيان الموجودات على قدر الطاقة البشرية، وجعلوا موضوعها مفهوما عاما يشمل جميع الحقائق، وهو مفهوم الموجود. وبهذا الاعتبار يقسمون الحكمة إلى النظرية والعملية، والنظرية إلى الإلهية والطبيعية والرياضية.
فهي - بهذا الاعتبار - علم واحد له موضوع واحد مندرج فيه جميع العلوم الحقيقية التي ليس الغرض منها إلا معرفة حقائق الأشياء، و لكنهم - مع ذلك - أفردوا البحث عن بعض الحقائق وجعلوه عاما على حده، وسموه باسم مخصوص، كما أنهم بحثوا عن أحوال الجسم و سموه بعلم الطبيعة، وعن أحوال الكم وسموه بالرياضيات - وهكذا - لتلك النكتة التي بيناها، ففي هذا القسم من العلوم لا يمكن ان لا يكون لها موضوع، بل القول بعدمه خلف، لأن المفروض - كما بيناه - انهم عينوا حقيقة من الحقائق ووضعوها للبحث عن حالاتها و مفاد هليتها المركبة. ولا معنى للموضوع إلا هذا.
وتمايز هذا القسم من العلوم بعضها عن بعض لا يمكن ان يكون إلا بالموضوعات. ولا يبقى مجال للنزاع في أنه هل هو بها أو بالأغراض. و (قسم آخر) عبارة عن مجموع قضايا مختلفة الموضوعات والمحمولات، جمعت ودونت لأجل غرض خاص و ترتب غاية مخصوصة عليها، بحيث لولا ذلك الغرض وتلك الغاية لم تدون تلك المسائل ولم تجمع.
ولا فائدة في معرفتها وتسميتها باسم مخصوص. ففي هذا القسم ليس الجامع لهذه المسائل المختلفة إلا تلك الغاية وترتب ذلك الغرض عليها بأحد الوجهين المتقدمين في الامر الثاني. ولا أدري أي ملزم ألزمهم بالقول بوجود موضوع واحد جامع لجميع موضوعات المسائل في هذا القسم؟ حتى أن صاحب الكفاية (قده) - بعد ما يئس من تعيين موضوع كلي متحد مع موضوعات مسائل علم الأصول - قال بوجود جامع
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»