ولا غير مستقلة.
وأما ما أفاده - في وجه عدم الجامع بأن المفاهيم والمعاني بسيطة في الأذهان لا تركب لها أصلا، وشبهها بالاعراض الخارجية أي كما أن الاعراض بسيطة في الخارج لا تركب لها من المواد والصور، فكذلك المعاني والصور الذهنية بسائط عقلية ليست مركبة من الأجناس والفصول، حتى نقول بأن الجامع بينهما هو المعنى الجنسي، وما به الامتياز هو الفصل أي الاستقلال وعدم الاستقلال - ففيه أنه غير تام في حد نفسه، لأنه لا شك في أن امتياز المفاهيم الذهنية بعضها عن بعض قد يكون بتمام الذات كالأجناس العالية، وقد يكون ببعض الذات كالأنواع المتداخلة تحت جنس واحد، كمفهوم الانسان والبقر مثلا، وقد يكون بالعوارض الزائدة على أصل الذات و ذلك كالأصناف والأشخاص المتداخلة تحت نوع واحد. ولولا خوف الإطالة والخروج عن الفن لأعطينا المقام حقه.
هذا، مع أنه أجنبي عن المقام، لأنه على فرض كون المعنى في حد ذاته بسيطا يمكن أن يكون غير مقيد بأمر خارج عن ذاته ولا بنقيضه الخارج أيضا، كما بينا ذلك في مثال الرقبة وقيد الايمان ونقيضه، والا لزم إنكار باب المطلق بالمرة.
و (ثانيا) بأن دعواه - أن عدم جواز استعمال كل واحد من الحروف في مكان ما يرادفه من الأسماء مستند، إلى جعل الواضع لحاظ المعنى آلة لملاحظة حال الغير شرطا في الحروف في مقام الاستعمال - أوضح فسادا من الأول، لأنه (أولا) - أنه متوقف على أن يكون الواضع شخصا خاصا حتى يتأتى منه هذا الشرط. وقد بينا عدم إمكان ذلك.
و (ثانيا) - على فرض أن يكون الواضع شخصا خاصا ليس من وظيفته، هذا الاشتراط، إذ وظيفة الواضع جعل العلاقة بين الألفاظ و معانيها لا تعيين طريقة الاستعمال وإلزامهم بتكليف في مقامه. و (ثالثا) - على فرض أنه كان له ذلك، وقلنا أنه يجب على المستعملين الوفاء بهذا الشرط ما الذي يلزم من المخالفة؟ لان مثل هذه المخالفة لا يوجب كون الاستعمال غلطا أو مستهجنا، إذ لا يقصر عن المجاز، لان