المقدمة وهي تشتمل على أمور:
(الامر الأول) - في الوضع، وفيه جهات من البحث:
(الجهة الأولى) - في أن دلالة الألفاظ على معانيها هل هي بالذات والطبع أو بتوسط الوضع؟ لا ينبغي أن يشك في عدم كونها بالطبع، لان الدلالة الطبعية والذاتية لا تختلف باختلاف الاعصار والأمم. نعم الذي يمكن أن يقال هو أن اختيار الواضع اللفظ الخاص للمعنى المخصوص لا بد و أن يكون لمرجح، لعدم إمكان الترجيح بلا مرجح. وهذا غير كون الدلالة بالذات وبالطبع.
(الجهة الثانية) - في أن الواضع هل هو الله جل جلاله، أو العباد أنفسهم؟ الظاهر أن وضع الألفاظ مستند إلى العباد أنفسهم. أما بالنسبة إلى الاعلام الشخصية فواضح. وأما أسماء الأجناس فبالنسبة إلى المخترعات في هذه الاعصار فحالها في الوضوح حال الاعلام، لما هو مشاهد بالعيان. وأما بالنسبة إلى غيرها من أسماء الأجناس والمشتقات، فالظاهر أن وضعها تدريجي ومن اشخاص متعددة حسب احتياجاتهم في مقام التعبير عن مقاصدهم. ولذلك يختلف عدد الكلمات واللغات بحسب اختلاف الأمم والأزمنة والأمكنة حسب قلة الاحتياج وكثرته، كما أنهم يرفعون سائر احتياجاتهم حسب الفطرة التي فطرهم الله عليها.
(الجهة الثالثة) - في حقيقة الوضع. وقد عرفه صاحب الكفاية (قده) بأنه نحو اختصاص اللفظ بالمعنى وارتباط خاص بينهما ناش من تخصيصه به (تارة) ومن كثرة استعماله فيه (أخرى) وقال صاحب تشريح الأصول: (إنه عبارة عن تعهد الواضع والتزامه بإرادة المعنى من اللفظ في استعمالاته للفظ بلا قرينة) وقال جمع آخر: