(الأول) - أن يكون محمول المسألة من العوارض الذاتية لموضوع ذلك العلم، وبما أنه ليس لعلمنا هذا موضوع كلي واحد ينطبق على موضوعات مسائله - كما هو المعروف في أحد التعريفين لموضوع كل علم، وهو التحقيق عندنا وسيجئ بيانه إن شاء الله، أو أنه لو كان له موضوع فهو كلي مجهول العنوان، كما ذهب إليه صاحب الكفاية (قده) - فهذا الطريق مفقود في المقام.
(الثاني) - انطباق تعريف العلم عليها، فكل مسألة شملها التعريف، فهي من مسائل ذلك العلم، وإلا فلا. وهذا هو المراد من الجامع و المانع والمطرد والمنعكس في باب التعاريف، ولكن هذا الطريق منوط بكون التعريف تاما حقيقيا لا نقص فيه أصلا.
والتعريف الحقيقي - لأمثال علمنا هذا - لا يمكن إلا بأخذ الغاية فيها، لأنها هي الجامعة لشتات مسائلها، كما سيجئ بيان ذلك في تعريف الموضوع، فهذا الطريق - بالآخرة - يرجع إلى الطريق الآتي.
(الثالث) - ترتب الغاية على هذه المسألة منضمة إلى سائر مسائل العلم فيما إذا كانت الغاية بسيطة، أو ترتب جهة من جهاتها وحصة من حصصها إذا كانت ذات جهات، كما هو الحال في أغلب العلوم، فان حفظ اللسان عن الخطأ في المقال - من حيث الاعراب والبناء - ليس أمرا بسيطا، بل كل مسألة من مسائل علم النحو تضمن جهة من جهات الاعراب، فإذا عرف مسائل المرفوعات تمكن من حفظ لسانه عن الغلط فيها.
وكذلك الحال في سائر الأبواب وفي سائر العلوم.
فمما ذكرناه ظهر أن المرجع الوحيد في تمييز المسألة الأصولية عن غيرها هو ترتب الغاية بأحد النحوين عليها، وحيث إن الغاية و الغرض من تدوين علم الأصول هو تحصيل المبادئ التصديقية للمسائل الفقهية، فكل مسألة كانت مبدأ تصديقيا لمسألة فقهية فهي من المسائل الأصولية، وإلا فلا. وإلى هذا يرجع ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) في ضابطة المسألة الأصولية من أنها ما تقع كبرى في قياس يستنتج من ذلك القياس الحكم الشرعي الفرعي، لان المبدأ التصديقي - لكل نتيجة من كل قياس - هو كبرى