السابقة على الامر فيرجع إلى ما قلنا من فرض وجود الشئ قبل وجوده، ويجري - ما قلنا في المصلحة - في كل داع قربي واقع في سلسلة معلولات الامر ولا اختصاص لها بخصوص المصلحة لاتحاد المناط.
وأما لو فرضنا وجود داع قربي ليس وجوده منوطا بوجود الامر فهناك وجه آخر في امتناع أخذه في متعلق الامر مشترك بين الكل و هو أن الداعي إلى إيجاد شئ تكوينا أو إلى طلب إيجاد شئ من غيره تشريعا علة لإرادة الفعل أو لإرادته من غيره، ففي كلا المقامين يكون ذلك الداعي علة لوجود الإرادة فوجود الإرادة منوط بوجوده و لا شك في أن الإرادة بكلا قسميها تكوينية أو تشريعية مؤثرة في المراد وما تعلقت به الإرادة، فيلزم أن يكون ما هو علة الشئ معلولا له هذا بالنسبة إلى إرادة الامر، وكذلك الحال في الصورتين في إرادة المأمور المنبعثة عن إرادة الامر فلو كان شئ داعيا إلى إرادته فلا يمكن أن يكون ذلك الشئ تحت إرادته لما ذكرنا.
وقد أورد أستاذنا المحقق (قده) على هذا بأنه على فرض القول بصحة هذا الكلام لا يمكن أن يؤخذ قصد الامر في متعلقه ولو كان بأمرين مع أنه ممكن عند القائل بهذا الكلام، وذلك لان ما هو محال في مرحلة الثبوت لا يمكن جعله في مرحلة الانشاء ولو كان بجعلين لان تعدد الجعل لا يجعل المحال ممكنا ولا يصحح الباطل.
ولكن يمكن أن يقال بأن جهة المحالية هي أن الداعي للإرادة لا يمكن أن يكون تحت الإرادة لما ذكرنا من المحذور أعني صيرورة ما هو علة لشئ معلولا لذلك الشئ، وهذه الجهة في مورد جعل واحد محقق معلوم لان الداعي للإرادة أيا كان من الدواعي العشرة المذكورة لو أخذ في متعلق الإرادة يلزم المحذور المذكور، وأما لو كان الداعي المأخوذ في المتعلق غير ما هو علة للإرادة فلا بأس فيه أصلا، فإذا كان هناك أمران كما هو المفروض فالامر الأول داع لإرادة ذات العمل وذلك الامر بعينه لا يمكن أن يؤخذ في متعلق تلك الإرادة بعينها. وأما أخذه في متعلق إرادة أخرى وهي الإرادة