واقعيا، ويكون مفروضة وجودا خارجيا في الرتبة السابقة على الحكم، فيوجه الحكم - في مقام الجعل والانشاء - إلى مثل ذلك الموضوع المفروض الوجود في الرتبة السابقة على الحكم، وهكذا الامر بالنسبة إلى متعلق المتعلق حرفا بحرف، أي لا بد في المثال من أن يفرض وجود عرفات في الخارج وهكذا الكعبة المعظمة في الرتبة السابقة على حكمه بالوقوف فيها والطواف حولها، وهكذا في سائر المقامات بالنسبة إلى سائر الموضوعات ومتعلقات المتعلقات، وذلك لان كل حاكم لا بد أن ينظر ويلاحظ موضوع حكمه بكلا المعنيين أي بمعنى المكلف ومتعلق المتعلق في الرتبة السابقة فيحكم، وذلك في القضايا الشخصية أوضح بحسب الفهم العرفي، مثلا إذا قال يا زيد ادخل داري، فلا بد وأن يلاحظ وجود المأمور بالدخول، و يلاحظ وجود الدار كلاهما في الرتبة السابقة على أمره بالدخول فيأمر به.
(إذا عرفت هذا) فطبقه على ما نحن فيه، وهو أنه إذا كان قصد الامر نفسه مأمورا به فيكون القصد متعلقا للتكليف والامر متعلق المتعلق.
و (بعبارة أخرى) يكون حال الامر - في ما نحن فيه - حال عرفات في المثال، فلا بد ان يفرض وجود الامر في الخارج في الرتبة السابقة على الامر المتعلق بقصد الامر حتى يأمر به، والمفروض أن ذلك الامر الذي يكون متعلق المتعلق ليس إلا هذا الامر الذي هو الحكم المتعلق بقصد الامر جز أو شرطا، فيلزم أن يفرض وجود الامر قبل وجوده فرضا حقيقيا واقعيا وهذا محال.
ولا يرد على ما ذكرنا إمكان تصور الشئ قبل وجوده، فيتصور الامر قبل وجوده، فيأمر بقصد ذلك الامر المتصور، لأنك قد عرفت أنه ليس المتوقف عليه صرف تصور الامر قبل وجوده، حتى تقول إنه بمكان من الامكان، بل فرض وجوده قبل وجوده فرضا واقعيا لا فرضا خياليا من قبيل أنياب الأغوال. ومعلوم أن مثل ذلك الفرض ليس فرضا واقعيا، بل يكون من قبيل فرض المحال، لأن المفروض - وهو وجود الشئ قبل وجوده - محال، فهذا أسوأ من فرض