منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ١٢٦
عبارة عن الطلب الضعيف، والضعف أمر عدمي، فما به الامتياز ليس من سنخ ما به الاشتراك، فيكون مركبا، فيحتاج بيانه إلى مئونة زائدة، أما الوجوب فإنه بسيط فمقتضى الاطلاق هو الوجوب - فليس كما ينبغي، لان الطلب سواء كان شديدا أو ضعيفا، وسواء كان من مقولة الكيف النفساني - أي كان عين الإرادة - أو كان فعل النفس. و على كل حال وتقدير يكون محدودا، فيكون مثل العدد القليل و الكثير كلاهما محدودان، وقياسه على الوجود الواجبي في غير محله، لأنه تعالى صرف الوجود، وصرف الوجود لا مهية له ولا تكرر فيه ولا ثاني له ولا حد له وبسيط غاية البساطة، فلا أجزاء خارجية له ولا أجزاء عقلية ولا مقدارية، وهذا الامر من خواص صرف الوجود ولا يشترك معه غيره أصلا، بل جميع ما عداه محدود و مركب من ماهية ووجود، كما مثلنا بالعدد القليل والكثير، فالإثنين و الألف كلاهما محدودان، وهكذا الحرارة الشديدة والضعيفة كلاهما مركبان محدودان، ولذلك قيل كل ممكن زوج تركيبي له مهية و وجود، فالطلب الشديد والضعيف ولو سلمنا صحة هذا الكلام كلاهما مركبان.
وقد ظهر مما ذكرنا أنه بناء على هذين المسلكين ليس ظهور إطلاقي للصيغة في الوجوب أصلا، ولكن عرفت - فيما تقدم - عدم تمامية هذين المسلكين، وأن الوجوب يعتبر وينتزع من نفس الطلب من دون ملاحظة أي قيد زائد معه، والذي يحتاج إلى القيد الزائد هو الاستحباب، أعني يحتاج إلى الاذن في الترك، وان الطلب لا يتصف بالشدة والضعف سواء كان من الكيفيات النفسانية أو كان من أفعال النفس.
(الجهة الثالثة) - في أن إطلاق الصيغة هل يقتضي التوصلية أو لا؟ وبيان هذا المطلب يتم برسم أمور:
(الأول) - في بيان المراد من التعبدي والتوصلي، وقد عرفا بتعريفات متعددة:
(الأول) - أن التعبدي هو الواجب الذي لا يكون الغرض من الامر به معلوما للمأمور والتوصلي بخلاف ذلك أي ما يكون غرض الامر من أمره معلوما، فكأن وجه تسمية
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»