اليوم، هل ينجز علمه هذا ما تعلق به، مع إنه كالعلم المتعلق بعنوان قد تلف بعض ما ينطبق عليه احتمالا، أم لا؟ وعلى تقدير عدم تنجيزه، لعدم القطع بالاشتغال فعلا، إذ لو كان الظهر واجبا، فقد أتى به، فلم يبق وجوبه، فهل يصح إجراء الاستصحاب في المقام، كي يفيد فائدة العلم الاجمالي، قبل تلف الطرف له من وجوب مراعاة الاحتياط في الطرف الباقي، أم لا. أما في المقام الأول، فلا ينبغي النزاع في عدمه، لما مر من أن العلم الاجمالي لا تنجيز له، إلا إذا تعلق بالحكم العقلي على أي تقدير، وفي الفرض ليس كذلك، كما لا يخفى، وأما في الثاني، فربما يتصور جريان الأصل المثبت، إما في الموضوع، أو في الحكم، إما في الموضوع، فتقريبه إن الصلاة الشخصية المرددة بين الظهر والجمعة، صارت معلومة الوجوب من أول الوقت، وقبل الاتيان بالظهر، وبعده يشك في بقائها تحت الإرادة والوجوب، فتستصحب لان أركان الاستصحاب من اليقين السابق، والشك اللاحق في الموضوع الواحد ذي الأثر متحققة في المقام، وتشهد بها وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة، فلا بأس باستصحاب ذلك الموضوع، والحكم بوجوب الاتيان بالجمعة أيضا، وربما يرد بأن مقتضاه التعبد بوجوب الاتيان بالظهر والجمعة جميعا، مع إن وجوب الظهر مقطوع العدم فعلا، إذ لو كان لسقط بالاتيان به قبلا، فلا حجية لهذا الأصل في المقام، لأنه يلزم التعبد به في صورة القطع بالخلاف، والحال أنه يتعبد بشئ من الأصول والامارات في مورد عدم العلم بالوفاق أو الخلاف، وأنت خبير بأن هذا الجواب لو تم، للزم أن يقال بعدم حجية الاستصحاب الكلي أيضا، لأنه على تقدير تحققه في ضمن السبق قطعي الانتفاء، وعلى تقدير الاخر قطعي البقاء فلا وجه للتعبد ببقاء الكلي المنطبق على المحتملين، لأنه مستلزم للتعبد ببقاء الشئ المعلوم انتفائه، على تقدير، وبقائه على التقدير الاخر، ولا وجه مع العلم، وهذا الجواب إنما نشأ من الغفلة عن أن متعلق العلم والشك، أمران متغايران ذهنا، متحدان خارجا، ولا يسرى شئ من الحالين إلى شئ من متعلق الاخر، وإلا لزم أن يكون الشئ الواحد معلوما ومجهولا، أو مشكوكا بعنوان واحد، مع إن التضاد بين العلم والشك، مما لا يخفى على أحد، فيما تعلق العلم بعدم بقائه تحت الوجوب، هي الظهر بعنوانها الخاص، وما شك في خروجه عن تحته هذه الصلاة المرددة
(٩٢)