دفعا لوجوب الكفارة، في مورد شك بعد سنة في طهارة ما اغتسل به عن الجنابة، في ليلة من الرمضان، فإن الشك فيه، يوجب الشك في صحة الصوم، وهذا موجب للشك في وجوب القضاء، وهو موجب للشك في وجوب الكفارة حين دخول رمضان المقبل، ففي الفرض أيضا يتمسك باستصحاب طهارة ذاك الماء، ولو لم يكن باقيا بنفسه، لعدم كونه بلا أثر في الوقت، وليس هذا إلا لان الطهارة المستصحبة، لها أثران، أحدهما طهارة الملاقي لموضوعها، والاخر جواز شربه، أو أكله مثلا، فلو كان موضوعها باقيا حين الاستصحاب، يترتب عليه الاثران معا، ويفيد الأصل بثوب كليهما تنزيلا، وأما لو انتفى وتلف، فالأصل إنما يفيد ثبوت الأثر الاخر تنزيلا، ولا ريب في إنه لو لم يكن للمستصحب إلا أثر واحد بالوسائط المتعددة الشرعية حين إجرائه، لكفى في صحته، فإطلاق كلام الشيخ " ره " ومن تبعه، وقولهم بأن الملاقي في الفرض واجب الاجتناب، وليس مورد للأصل المسببي، محل نظر، ومورد منع، لأنه ربما يكون التالف معلوم الطهارة، قبل العلم بنجاسته، أو نجاسة صاحبه، فحينئذ يستصحب طهارته بعد تلفه، باعتبار أثر شرعي لها، وهو طهارة ملاقيه، فتعارض بالطهارة الجارية في عدله، وتنتهي النوبة إلى الأصل في المسبب، كما في الصورة السابقة، وكذا الامر فيما إذا كان الطرفان معلومي النجاسة، ثم تلف الملاقى منهما، ثم علم بطهارة أحدهما إجمالا، فإنه تستصحب نجاسته، باعتبار أثرها حينئذ، وهو نجاسة الملاقي، وكذا نجاسة العدل لها، وبعد التعارض والتساقط، يرجع إلى الأصل المسببي، بل يمكن أن يقال الامر كذلك، حتى في مجهولية الحالة السابقة فيهما أو في أحدهما، لان قاعدة الطهارة أيضا تجري في التالف، باعتبار أثره، وهو طهارة الملاقي، فتعارض بالاستصحاب، أو بمثلها الجاري في العدل الاخر، فيتسع المجال للأصل المسببي، فالتفرقة بين هذه الصورة، وما تقدمتها، لا وجه لها ظاهرا، نعم قصارى ما يتخيل في المقام، أن يقال: لما كانت طهارة الملاقي تبعا لطهارة التالف، ومجعولة بجعلها، فلا تكون له طهارة أخرى، وإلا لزم أن تكون الطهارة مجعولة مرتين، ولا يعقل ذلك مع وحدة الموضوع، فإذا سقط الأصل المفيد لطهارة السبب، لا يكون بعده ما يجعل الطهارة للمسبب، فلا أصل له، حتى يرجع إليه، فيؤثر العلم في التنجيز، ويحكم العقل بوجوب
(٨٩)