نجاسة صاحب الملاقى، كما في صورة بقاء طرفي العلم الأول، إما لما تقدم، من أن الأصل إذا لم يعارض، لا مانع من جريانه في طرف العلم، ولو كان منجزا بنحو الاقتضاء، وإما لان العلم الثاني، لم يتعلق بطرفين لم يكن شئ منهما موردا للاشتغال، فلذا لا يؤثر في التنجيز، ولا يمنع عن جريان الأصل في الملاقي، فهو يجري فيه بلا مانع ومزاحم، ومسببيته أيضا لا تقتضي عدم الجريان، إلا بعد سقوط الأصل في السبب عن الحجية بالمعارض، بداهة إن المسببي محكوم بالسببي، لو كان قابلا للجريان، وأما لو لم يكن كما في المقام، لعلية العلم الأول للتنجيز، فهو كالساقط بالمعارضة، فتصل النوبة إلى المسببي بلا كلام، فمقتضى القاعدة في الفرض المذكور، لزوم الاجتناب عن طرفي العلم الأول، والحكم بطهارة الملاقي، وجواز شربه، أو أكله والتوضي به على كل حال من المبنيين في منجزية العلم، والفرق هنا في أن القائل بتعليقية حكم العقل بلزوم الاحتياط، يرجع إلى الأصل المسببي، بعد إسقاط الأصل السببي بالتعارض، ونحن نقول: لما لم يكن مع العلم المنجز مجرى له أصلا، فلا نحتاج إلى دعوى التساقط، بل نتمسك في الملاقي بالأصل، لأنه مشكوك، ولا حكومة لأصل على أصله، فحال تلف الملاقى بعد العلم بحكمه، نظير حاله عند عدم التلف، وما أظن أن يكون نظر من فرق بين التلف والبقاء إلى هذا الفرض.
وثانيهما: أن يكون العلم بحكم الملاقى وصاحبه إجمالا حاصلا أيضا بعد تلف الملاقى، وقد قيل في غير واحد من الكتب، تبعا للرسائل، إن الملاقي حينئذ يقوم مقام التالف، ويجب الاجتناب عنه وعن الطرف المشترك، ففي الصورة لم يفرقوا بين كون التالف موردا للاستصحاب في حال وجوده، وعدم كونه كذلك، ولعلهم تخيلوا إنه لا معنى لاستصحاب حكم التالف بعد تلفه، وأنت خبير بإنه لو كان شئ تلف في الأمس، أو قبله، ولو بسنة أو أكثر، وكان مجرى للاستصحاب في موطنه، ومنشأ للشك في حكم في الان الحاضر، يجري الاستصحاب في التالف، وبه يترتب أثره المشكوك في الحال، ولذا لو شك في طهارة ماء غسل به ثوب، أو توضى به في حال تلفه، يتمسكون باستصحاب طهارته، باعتبار الأثر الفعلي لهما، من طهارة المغسول، وأعضاء الوضوء، وحصول الطهارة الحديثة، وكذا يتمسك استصحاب الطهارة،