الرجحان لمن وصل إليه الخبر، وأما بالنسبة إلى من لم يصل إليه، أو من كان غافلا عنه، فله إبداء الاحتمال بالنسبة إليهما، وإن قلنا باستفادة الاستحباب النفسي. ومنها إنه يفتي الفقيه بالاستحباب النفسي لمن تحقق الموضوع بالنسبة إليه، وهو من وصل الثواب بالنسبة إليه، وأما بالنسبة إلى من لم يصل إليه الثواب أبدا، أو غفل عنه، فلا وجه للفتوى بالاستحباب النفسي بالنسبة إليه، وكذا لو قلنا باستفادة الاستحباب الطريقي، فإن ذلك ثابت لعنوان من بلغه الثواب، نعم إن كان مفادها راجعا إلى تتميم الكشف للخبر الضعيف، وإثبات حجيته، فللفقيه حينئذ أن يفتي بالاستحباب، ولو بالنسبة إلى من لم يصل إليه الثواب، لان دليل تتميم الكشف متحقق بالنسبة إلى الفقيه كسائر الأدلة والحجج، ثم إنه من ثمرات الاختلاف في الارشادية والمولوية بالنسبة إلى أخبار من بلغ، إنه بناء على الارشادية، لا بأس في شمول الاخبار لفتوى الفقيه، أو غيره، مما يوجب احتمال تكليف في البين، وأما بناء على الاستحباب، ففي الشمول إشكال، إذ القدر المتيقن منها هو الروايات، وكذا بناء على الارشاد لا يجري حكم الجزئية شرعا، على ما دلت الرواية على جزئيته، بخلافه على الاستحباب، فليس لمسترسل اللحية أخذ البلة منها للمسح، بناء على الارشادية، بخلافه على الاستحباب.
الثاني، لا ريب في اختلاف كيفية تعلق الأوامر بالافراد، فتارة يكون بنحو الاستغراق، وأخرى بنحو الطبيعة السارية، وثالثة بنحو الطبيعة الصرفة، وهذه تارة بنحو يجب تحصيل الموضوع، كما في قوله إشرب الدواء، وأخرى بنحو لا يجب ذلك، كما في قوله له أكرم العالم، والضابط الكلي في جميع هذه الأقسام، إنه كلما كان الخطاب انحلاليا، يكون مورد الشك في الموضوع من مجاري البراءة، سواء كان الموضوع مما أنيط به الخطاب، أو لا، بداهة أن عهدة تطبيق التكليف على الافراد على المولى، بناء على الانحلال، فمع الشك في التطبيق يكون من موارد الشك في التلكيف، فيتحقق مجرى البراءة، وكل مورد لم يكن التكليف انحلاليا، فإن لم يكن الموضوع في حيز الخطاب، كما في مثل أكرم العالم، كان مجرى البراءة للشك فيما أنيط به التكليف، وإن كان موضوع الخطاب أيضا في حيز التكليف، فلابد فيه من الاحتياط إلى أن يعلم الخلاف، لان تطبيق التكليف على الفرد حينئذ يكون على عهدة المكلف، ولذا