تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٦٥
الذهنية، ففي كل واحد من الأطراف كما يحتمل وجود المعلوم فيه، يحتمل وجود الحكم المنجز فيه أيضا، ولازمه احتمال العقوبة بمخالفته، فيحكم العقل بوجوب الموافقة، بمقتضى حكمه بوجوب دفع الضرر، ولا يقبح مجئ الترخيص في محتمل المعصية، وهو في نظر العقل مثل الترخيص في المعصية القطعية، فلا مقتضى لجريان الترخيص، لا أنه يجري ويسقط بالمعارضة، كما لا يخفى، نعم لو قامت حجة معتبرة، على تطبيق المعلوم على المورد، كان لترخيص العقل في الاكتفاء به مجال، من غير فرق في ذلك بين المعلوم التفصيلي والاجمالي، وذلك هو المراد من جعل البدل الجاري في المقامين، لا أن المراد الاكتفاء بترك أحد الطرفين، ولو مع عدم قيام طريق وحجة على التطبيق، والحاصل إن العلم الاجمالي كالتفصيلي، في عدم جواز الاقتحام في المشكوك، مع عدم قيام حجة، وطريق على تطبيق المعلوم على المورد، وجواز الاقتحام مع قيام الطريق على ذلك، ولباب القول في ذلك، إن العلم الاجمالي بمنزلة العلم التفصيلي، في عدم جواز الاقتحام فيما احتمل تطبيقه عليه، وهذا معنى علية العلم للتنجز، لا بمعنى عدم القابلية لتعيين المعلوم، في طرف خاص، كيف وهذا المعنى من العلية، ليس ثابتا في العلم التفصيلي، كما لا يخفى، فالعلم مطلقا، تفصيليا كان أو إجماليا، يؤثر في الاشتغال عقلا، ويحكم العقل بوجوب الخروج عن العهدة، وتحصيل اليقين بالفراغ، الأعم من الحقيقي أو الجعلي، ففي صورة الشك في الفراغ، يحكم العقل بوجوب تحصيل اليقين به، كما إن في صورة تعيين المصداق شرعا، يحكم بصحة الاكتفاء، فجعل البدل في أطراف العلم الاجمالي، تصرف من الشارع في ناحية المفرغ، لا في تأثير العلم ومنجزيته، فالاكتفاء بالفرد المجعول، لا يكون مستندا إلى قصور في العلم، بل إلى التوسعة في الموضوع المفرغ، فلا يصح استكشاف كون العلم مقتضيا للموافقة القطعية، من ناحية جعل البدل، وبعد ما اتضح لك ذلك، فراجع إلى تقريرات بعض أعاظم العصر، تجد فيها الأعاجيب (وينبغي التنبيه على أمور) الأول، في الشبهة الغير المحصورة، والظاهر إن الضابط فيها، أن يكون احتمال وجود التكليف في كل واحد من الأطراف الكثيرة، في غاية الضعف، بحيث يكون
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»