تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٦٤
الأول، إن من المعلوم، إن في العلم الاجمالي جهة انكشاف متعلقه بصورة إجمالية حاكية عن الواقع، وجهة سترة، متعلقة بالأطراف الخارجية، من حيث طرفيتها للمعلوم الواقعي، وكل واحدة من تلك الجهتين متباينة عن الأخرى، وإن كانتا متحدتين خارجا، ولا سراية منهما إلى الأخرى أبدا، وظرف عروضهما الذهن، واتحادهما الخارجي لا يوجب السراية، بحيث يكون مورد الانكشاف هو مورد الستار بعينه، وحينئذ فيقع الكلام في أن تعلق العلم بالصورة الاجمالية، كتعلقه بالتفصيلية الحاكية عن جميع خصوصيات مورده في تنجيز المتعلق، أو ليس كذلك، بل جهة الاجمال مانعة عن التنجيز؟ وعلى الأول، هل هو مقتضي وقابل لمنع المانع، أو علة تامة ليست قابلة له؟ وعلى فرض العلية، هل هي بالنسبة إلى المخالفة القطعية والموافقة كذلك، أو بالنسبة إلى خصوص المخالفة فقط؟.
الثاني، لا ريب في إطلاق حكم العقل، واستقلاله بوجوب الامتثال، حتى في مورد العلم الاجمالي، وصريح الوجدان يكفي في كونه منجزا كالتفصيلي، وإن ما هو المناط في تنجيز التفصيلي، موجود في مورد العلم الاجمالي، من غير فرق، نعم لو كان لخصوصية الأوامر دخل في الامتثال، لكان بينهما فرق، ولكن دون إثبات ذلك خرط القتاد ، وبالجملة، بعد إحراز طبيعة مراد المولى، يحكم العقل بلزوم الامتثال، إلا إذا ثبت من الخارج، دخل في خصوصية الأطراف، في تحقق الامتثال.
الثالث، بعد ما عرفت إن مناط حكم العقل بلزوم الامتثال في مورد العلم الاجمالي، هو إحراز طبيعة أمر المولى، بلا دخل لخصوصية فيه، فلا ريب إن هذا الحكم تنجيزي من العقل، غير قابل للترخيص على الخلاف، كما هو الحال في المعلومات التفصيلية، فيكون العلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية، إذ لا معنى للعلية التامة، إلا منجزية حكم العقل، وعدم صحة ورود الترخيص على الخلاف، إن قيل تنجز حكم العقل، إنما هو بالنسبة إلى ما تعلق به العلم الاجمالي، وهو نفس طبيعة مراد المولى، فكما إنه لا يسري نفس العلم إلى خصوصيات الأطراف، فكذا لا يسرى منجزية حكم العقل بالنسبة إليها أيضا، فالعلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية فقط، دون الموافقة القطعية، قلنا: لا ريب إن تنجز الاحكام، إنما هو باعتبار وجودها الواقعي، لا باعتبار صورها
(٦٤)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»