تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٧٢
ولا يخفى إن لا بأس باستصحاب رمضان في يوم الشك بمفاد كان الناقصة على ما قدمناه في استصحاب الأمور التدريجية، إلا إنه لدقته وبعده عن كثير من النظار لا يكون وجها لتسالم الأصحاب في المقام، ومنها مورد الشك في وجود الحاجب في أعضاء الوضوء، فإنهم لا يتفحصون عن الحاجب ويبنون على عدمه، بخلاف الشك في حاجبية الموجود فيتفحصون عنه ويفتشون حتى يعلموا ويحصل لهم القطع بوصول الماء إلى البشرة، مع إن وصول الماء إلى البشرة المستلزم للصحة من اللوازم العادية لانتفاء الحاجب، فلو كان بنائهم على عدم الفحص مبنيا على استصحاب عدم الحاجب لكان الأصل المثبت حجة عندهم، ولكن نقول إن السيرة وإن قامت بذلك ولكن ليس بمعلوم إن المدرك في ذلك هو الاستصحاب، بل يمكن أن يقال إن هذا الأصل أصل عقلائي في حد ذاته مثل أصالة عدم القرينة، فكما إن في ذاك المقام لما لم يكن كلام المتكلم غالبا مقرونا بالقرينة، فينزل منزلة الغالب، وفي صورة الشك في وجود القرينة تدفع بأصالة عدم القرينة، فكذا في المقام لما كان الغالب عدم الحاجب في محل الوضوء فينزل منزلة الغالب، فيكون كل من الموارد المزبورة تحت قاعدة مضروبة وأصول عقلائية، فان العقلاء يعتنون بالغلبة النوعية، فلو أغمضنا عن ذلك كله أمكن أن يدعى إن الواسطة في جميع ذلك خفية، فلا تثبت حجية الأصل المثبت بقول مطلق بتمسك الأصحاب بالاستصحاب في المقام، وتقريب الخفاء إن العرف يفهمون إن صحة الوضوء أثر لعدم الحاجب، ولا يفهمون إن لازم عدم الحاجب وصول الماء إلى البشرة، والصحة مترتبة على الوصول، يعني يرون عدم الحاجب عين وصول الماء إلى البشرة، وأثر الوصول أثر له، ولكن العمدة على مدعيه لان العرف يحكمون بالملازمة ويلتفتون إليها، فلا بد أن يدعى إن أصالة عدم الحاجب أصل مستقل مثل أصالة عدم القرينة كما أشرنا إليه، ومنها مورد الشك في وجود الرد الذي هو مانع عن إضافة العقد الفضولي إلى المالك، فإن بناء الأصحاب على الرجوع إلى أصالة عدم الرد وهو لا يثبت إضافة العقد إلى المالك إلا على القول بالمثبت، نعم في ردية الموجود لا يعتنون بعدمه كما إذا تكلم بكلام لم يعلم إنه قال أجزت أو قال رددت، فالإجازة البعدية لا تنفع في المقام، بخلاف ما إذا شك في أصل الرد، وأجرى فيه أصل
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»