المستصحب عن محل الابتلاء، فإن بقاء الأثر وثبوته قهري في ظرف بقاء ذي الأثر حقيقة أو تعبدا، فترتيب تلك الآثار على الحكم المستصحب لا يحتاج إلى تعبد آخر غير التعبد بذيها، وأما على مسلك وجوب التعبد باليقين السابق وتنزيل المشكوك منزلة المعدوم عملا فلا يضر الانصراف المدعى بحجية المثبت، فإن التعبد بالموضوع كحيوة زيد مثلا من حيث إنها ملزومة لنموه ونبات لحيته عين التعبد بالنبات وهو له من حيث إن موضوع لوجوب التصدق عين التعبد بالوجوب، فينتهي الامر إلى العمل ولا يكون التنزيل بلحاظ الأثر بالواسطة، فلا يجدي الانصراف المذكور، هذه جهة من الجهات الفارقة وقد أشير إلى جهات أخر في مقام الاستظهار وبيان المختار (أحديها) إنه لو كان المفاد جعل المماثل لما كان لجريان الاستصحاب في الكلي الجامع مجال، وإلا لزم إثبات الخصوصية أو نفيها به أيضا، وأما تحقق الجامع مجردا عن الخصوصيات، وهذا بخلاف البناء على بقائه والجري على مقتضاه عملا، (ثانيتها) إنه لو كان الأول حقا لزم عدم حجية الاستصحاب في الاحكام التي خرج موضوعها عن مورد الابتلاء بلحاظ ما يترتب عليها بواسطة أو وسائط، والمفروض المسلم حجيته فيها لدى لجميع، (ثالثتها) إنه لو كان كذلك لكان الامر بالمضي على اليقين، وكذا النهي عن نقضه إرشادا إلى تنزيل الشارع وتصديه لذلك، وأما على التصور الاخر فهما باقيان على ظهورهما في المولوية، ولما ذكر وما سيذكر اخترنا المسلك الثاني، وكنا نقول بمقتضاه على حجية الأصل المثبت، إلا إن تسالم القوم على العدم ولزوم تأسيس فقه جديد على تقدير الاخذ به يبعثنا إلى الفحص عن وجه وجيه للعدم، والمقصود فعلا إظهار اختلال الوجه المعروف وعدم تماميته، ولعله من نكات ذكرت بعد الوقوع، ثم لا يخفى إن ما تقدم كان جاريا على مذاق القوم من كون النظر إلى المتيقن حكما كان أو موضوعه، وأما على المختار على ما فصل عند التعرض لمفاد الاخبار من النهي متعلق بنقض نفس اليقين الطريقي، لا إنها بعبريته متعلق بالمتعلق، وإلا يلزم عدم حكومة الاستصحاب على قاعدتي الطهارة والحلية، وعدم قيامه مقام العلم أصلا لان إبقاء ما كان لا يوجب علما بالواقع لا حقيقية ولا تنزيلا فيه لا تحصل الغاية للطهارة والحلية، فلا محيص عن الالتزام بالمسلك المختار هنا، فإن
(٣٦١)