الالتزام بالاستثناء المذكور قلنا بجعل المماثل أو بوجوب التنزيل والتعبد على العبد، فإن الاطلاق وشمول الدليل لتنزيل الشئ بلحاظ أثره المنتهي إلى العمل ولو بالوسائط مسلم على كل من المسلكين، غاية الامر دعوى الانصراف إلى الآثار الشرعية بلا واسطة، أو إلى اليقين بالقضايا الشرعية كذلك أوجبت إخراج المثبت، وإذا لم يكن الأثر في نظر العرف مما للشئ بواسطة وإن كان معها دقة فلا يندرج فيما انصرف عنه الخطاب بل يبقى تحت الاطلاق والدليل على لزوم الاخذ باليقين أو المتيقن السابق، فالخارج بحسب تفاهم العرف المنساق في الدليل اعتبار كون الأثر الذي بلحاظه التنزيل أثرا للموضوع المنزل كان له بنفسه حقيقة أو مسامحة، فالمفهوم من الخطاب ومدلوله العرفي لا يأبى عن اندارج الموضوع بلحاظ أثر أثره في التنزيل أحيانا، وهذا كما ترى ليس من التسامح في تطبيق المفهوم حتى يقال باعتبار الدقة فيه دون المسامحة، بل هو في تعيين المفهوم والمدلول للكلام المنساق على محاورات العرف، ولا ريب في كون نظرهم متبعا في هذا المقام، ولذا قد عول كثير عليه في تعيين الموضوع وإثبات وحدة القضية المتيقنة مع المشكوكة، ولو كان المدار على الدقة في المقام كما قيل للزم أن لا يتكل على الوحدة العرفية للموضوع والحكم، فإن المشكوك فيه بعد اليقين به ليس عين ما كان بخصوصياته وعوارضه ومقارناته عند اليقين دقة وعقلا، وكما إن اعتبار كون الأثر أثرا للموضوع المنزل المستفاد من مساق الدليل وانصرافه، فكذا اعتبار الاتحاد الموضوعي مفهوم من الخطاب وسياق الدال على كون المشكوك فيه عين متعلق اليقين، وليس في البين ما يدل على كفاية العينية والاتحاد التسامحي بحسب الموضوع وعدم كفاية كون المنزل ذا أثر ولو مسامحة عرفية، وبالجملة التفكيك بينهما مع وحدة السياق وعدم الفارق سيما بوجه لو تم لعم لا يعقل له وجه صحيح، وربما يقال بناء على حجية المثبت بتقدم السبب على المسببي حكومة ويمنع تعارضهما مطلقا كان الاستصحاب من باب التعبد أو الظن، ولا بأس بإيضاح الحق وبيان الشقوق وذكر وجه تقديم السببي على تقدير منع المثبت أيضا استطرادا، فنقول إما تقديمه على المسببي على التقدير الأخير فلان المشكوك بالشك المسبب أثر من آثار متعلق السبب، فإذا بقى وجودا وعدما فيتبعه التعبد
(٣٦٨)