تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٦٧
تقدير الخلف، وما لم يعلم بمخالفتها للواقع يجب اتباعها والجري على طبقها بتوطئة مقدمات امتثالها، فالشك في القدرة عليه لا ينافي القطع بتوجه الحكم الطريقي الظاهري الذي هو أيضا موضوع لحكم العقل بالامتثال، فتحصل إنه يتصور مع الشك في القدرة، فلا مجال للاستصحاب أيضا.
تنبيه آخر قد يقال كما في الرسائل والكفاية بحجية المثبت عند خفاء الواسطة بنحو يرى العرف أثر الواسطة أثرا لذيها، ويعدونه من آثاره بمسامحاتهم، وإن لم يكن كذلك عقلا ودقة، وبحجيته أيضا مع جلاء الواسطة، كما في الكفاية فيما لا يتصور لدى العرف أن يفكك بين المتلازمين تعبدا كاستحالة التفكيك بينهما واقعا، فحينئذ يرون التعبد بأحدهما غير منفك عن التعبد بالآخر، ويحكمون بأنه لو اختص بأحدهما فقط لكان محتاجا إلى البيان، ومثل لهما بأمثلة لعلنا نتعرض لها بعد التكلم في الكبرى ودفع ما يورد عليها، بأن الأثر الذي يثبت لللازم ويراد إثباته بالأصل في الملزوم، أما أن يكون أثرا له بالدقة أيضا، أو لا، فعلى الأول يخرج الأصل الحاكم بثبوته بالتعبد بالملزوم عن المثبت المصطلح، فإنه لم يفد إلا ثبوت الأثر الشرعي لنفس الموضوع، وعلى الثاني فلا يتصور وجه لاستثنائه بمجرد تسامح العرف في عد أثر الأثر تعبدا أثرا للمؤثر الأول، مع إن المدار في تطبيق المفاهيم ومنها مفهوم أثر الشئ على المصاديق على نظر العقل ودقته لا على الأنظار العرفية المسامحية، أما الكبرى فهي حق لا محيص عنها على كل من المبنيين من جعل المماثل أو إيجاب التنزيل بالاستصحاب على ما سيظهر، وأما الايراد فهو مدفوع بأن لازم اللازم بلا واسطة أو معها كمعلول المعلول، وكالحكم المرتب على موضوع مع كون ذاك الحكم مما يترتب عليه أثر، وعلى أثره أثر آخر ليس لازما ولا معلولا ولا أثرا لما في أول السلسلة حقيقة ودقة، وإنما أثره ومعلوله بلا مسامحة، هو إن الناشئ من قبله بلا واسطة وهو المعلول الأول، فلا وجه لاحتماله في المقام، نعم لو كان كذا لكان الاستثناء منقطعا، وإذا انحصر وجه كون أثر الأثر الذي أثرا لذي الأثر الأول في تسامح العرف وأنظارهم، فلابد من
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»