يحكم العقل بوقوع أفعال الصلاة عن طهارة، نظير استصحاب أجزاء المركب فإنه إذا ثبت جزء منه بالاستصحاب فيحكم العقل إن هذا المركب واجد لهذا الجزء، يعني يطبقه العقل على المورد، فلا مانع من جريان الاستصحاب على هذا المسلك، وبعبارة أخرى الامر بالصلاة عن مثل طهارة الامر بإيجاد زيد على السطح، فيصير زيد حينئذ طرفا للإضافة ويحصل له إضافة على الكون على السطح، فالامر إنما تعلق بإيجاد زيد لا في أي مكان بل في السطح مثلا، ولولا الامر بالايجاد الحاصل كان كل من زيد والسطح من الأمور الواقعية، ولم يكن بينهما إضافة وربط خارجي، وأما بعد الامر بإيجاده على السطح يتصور بينهما ربط في مقام المطلوبية، ولا ريب في إن هذا الربط والإناطة ناشئ من قبل الامر، فيكون مما أمره بيد الشارع وضعا ورفعا، وعليه فلا محذور في استصحاب الطهارة باعتبار أثرها، وهي هذه الإناطة الجعلية، وأما على المسلك الاخر أي القول بأن الشرط عبارة عن قيد خارج عن المشروط، ويكون التقيد به إضافة قائمة بالطرفين وأمرا واقعيا، فلا يعقل التوسعة بالنسبة إليه إذ لا يكون التقيد مما أمر وضعه ورفعه بيد الشارع، لأنه أمر واقعي وإضافة قائمة بالطرفين، فلا مجال للاستصحاب على هذا المسلك، وربما يقال دفعا عن المسلك الأول بأن الواسطة خفية أو جلية أو بأن ورود النص الحاصل في الوضوء والطهارة يجوز لنا استصحابهما وإن كان مثبتا، أو بأن التقيد لما كان من الأمور الاعتبارية التي لا تحقق لها إلا بمنشائها، فلا بد أن يرجع الامر به إلى الامر بالمنشأ وماله الدخل في تحققه الاعتباري، أو يدعي إن موضوع الوجوب النفسي هو الصلاة في حال الطهارة، فهو مركب من أجزاء أحدها الصلاة والاخر كونها في حال الوضوء، ولا ريب تحققهما بالوجدان، فليبقى الجزء الثالث وهو الطهارة ولا بأس بإحرازها بالأصل، وهذه الأجوبة كما ترى قابلة للمنع، أما الأولان منها فلأنهما مجرد دعوى تقابل بدعوى الخلاف، وأما الثالث فلانه وإن كان في بادي النظر وجيها، إلا إن المتمسكين بخصوص أخبار الوضوء لم يقتصروا على موردها، بل فهموا منها عموما شاملا للموضوعات والاحكام، فلا يبقى وجه للالتزام بحجية المثبت في خصوص موردها وهو الوضوء، وأما الرابع فلانه لو تم وسلم كون التقيد مما لا خارجية له وقيل بأنه لا وعاء له غير الذهني وموطن
(٣٧٧)