الرطوبة إلى حين الملاقاة مع شئ آخر الحكم بمقتضاه من المثبت، فإن نجاسة الملاقي مترتبة على سراية النجاسة من الملاقي إليه، وهي من لوازم رطوبة رجل الذباب، فالتنجس متفرع على رطوبة رجل الذباب، وهذا من أثر اللوازم العادية للرطوبة، ولكن نقول إن الامر كذلك لو كان كذا، إلا إن الواسطة خفية في المقام، ومما يتوهم إنه من مورد التمسك بالأصل المثبت ما ذكر احتمالا في مقام إثبات دية القتل على من جنى على أحد بما يوجب القتل، لكنه ادعى إن جنايته هذه وقعت بعد الممات لا في الحياة، وادعى الوارث استناد الموت بها لا بشرب السم أو المهلك الاخر، بإنه يمكن أن تستصحب الحياة إلى حين الجناية وبعدها ولو بلحظة، ولا ريب في أن ترتب موجب الدية وهو القتل على بقاء الحياة إلى ما بعد الجناية عقلي بالدية مترتبة على الحياة بواسطة، لكنه كما ترى احتمال لعله صدر ممن يرى الاستصحاب من الامارة التي تثبت اللوازم وغيرها، ومنها مورد بناء الأصحاب على ترتيب أثر يوم رمضان عند الشك في رؤية هلال شوال، فحكموا بوجوب الصوم يوم الشك المزبور، فربما يتوهم إنه مبتني على استصحاب رمضان إثباتا لاثره ونفيا لاثر يوم الفطر حتى يكون أول شوال بعد يوم، لاشك ولا ريب في إنه من المثبت لان استصحاب بقاء رمضان بمفاد كان التامة لا يثبت مفاد الناقصة إلا على المثبت، ومن هنا قد يتوهم صحة استكشاف حجيته عندهم لتسالمهم المذكور، ولكن يمكن أن يقال أن فتوى الأصحاب بذلك من جهة القاعدة المضروبة وهو قوله عليه السلام (صم للرؤية وأفطر للرؤية)، فلعلهم فهموا منه إن وجوب الصوم رتب على العلم بدخول رمضان، كما إن وجوب إفطار يوم العيد رتب على العلم بالشوال، فإذا علم بدخوله يجب الافطار، فليس الأثر مرتبا على عنوان الأولوية والآخرية فقط حتى يستلزم إثباتهما القول بالمثبت، بل المدار على القاعدة المضروبة في الأيام المشكوكة، ولا ربط لما في المقام بالاستصحاب، وأما توجيه الاستصحاب بأنه جار في الجزء العدمي فإنه عبارة عن يوم لم يسبقه يوم من ذلك الشهر، فأحد جزئيه محرز بالوجدان والاخر بالأصل، ولذا يرتب مقتضى أثره على يوم الشك، فهو لا يخلو عن ضعف، فإن مدلول الأول معنى بسيط لو أريد تحليله لا ينحل إلى ما قيل، فلا ينبغي عده من المركب
(٣٧١)