تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٣٦٦
وجوب الشئ يحكم بوجوب مقدماته وحرمة نقيضه ووجوب امتثاله، كان ذلك الحكم واقعيا أو ظاهريا، فترتيب هذه الآثار من جهة إنها أثر للأعم من الظاهري والواقعي لا ربط له بالأصل المثبت، ولذا ترى من لا يقول بالأصل المثبت بالنسبة إلى الآثار الشرعية المترتبة على الآثار العقلية قائل بحجيته بالنسبة إلى هذه الآثار، وكذا بالنسبة إلى التطبيقات العقلية المتعلقة بتطبيق الحكم الكلي المستصحب على موارد ومصاديق موضوعه، مع إن التطبيق بيد العقل وبتوسيطه، فلا يمكن للقائل بحجية المثبت التشبث والتمسك بهذه الأمور، ويثبت حجيته ببركتها، لان هذ الأمور لا تكون مربوطة بالأصل المثبت وكانت خارجة عن محل النزاع، وهذا واضح لا خدشة فيه في كثير من الموارد، لكن قد يتوهم إنه لاوجه لجريان الأصل فيما إذا كان الشك في بقاء الحكم ناشئا عن الشك في القدرة على الامتثال، فإنه يوجب الشك في توجه النهي عن نقض اليقين أيضا، وإذ لا يعلم بتوجهه فلا يحصل علم بالحكم الظاهري أيضا حتى يجب امتثاله عقلا، مثلا إذا نذر إطعام زيد في يوم الجمعة الآتية ثم شك في بقائه إليه، فحينئذ يحصل له شك في وجوب الوفاء بالنذر وفي توجه النهي عن نقض اليقين بالشك إليه باعتبار هذا الوجوب الذي منشأه الشك في القدرة على الامتثال، فلا يبقى مورد للتمسك بالأصل في المقام، ولكن يمكن الذب عنه بجوابين ثانيهما أمتن من الأول، وهو إن القدرة وإن كانت معتبرة في صحة التكليف ووقوعه، وإذا شك فيها ينشأ منه شك في الحكم ومعه لا يلزم العقل بإتيان مقدمات متعلق التكليف في الجملة، إلا إن الالزام بإيجاد المقدمات ليس دائرا مدار القطع بالقدرة على الامتثال، إذ ربما يعلم بالغرض والامر ويشك في بقاء الثاني وزواله، لاحتمال طرو ما يمنع المولى عن الالزام الفعلي مع تعلق غرضه بالفعل من ضيق خناق أو غيره، كانتفاء القدرة، ولا ريب في حكم العقل حينئذ بالشروع في المقدمة والتهيؤ للاتيان وللامتثال احتياطا، فبمجرد العلم بالغرض يرى النهي عن النقض متوجها فيوجب امتثاله، وأما الثاني فهو إن النقض لو كان حكما مولويا نفسيا زاجرا عنه على الاطلاق لكان الشك في القدرة على امتثال موجبا للشك في توجهه، وأما على تقدير طريقيته فلا، فإن شأن الاحكام الطريقية إنها واقعية على تقدير موافقتها للواقع، وأحكام صورية على
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»