حيث موضوعيته لوجوب التصدق عين البناء على وجوب الانفاق والاعطاء المقتضى للجري والعمل على طبقه، فالحياة وإن كانت مما يترتب عليها العمل بوسائط إلا إن التعبد بكل منها أثر شرعي ترتب عليها بلا واسطة، غاية الامر إنه لا تنتهي تلك التعبدات التحليلية إلى العمل إلا بها، وهو كاف في حصولها من الشارع كما لا يخفى، فمع تسليم الانصراف أيضا صح القول باعتبار المثبت كغيره بناء على المسلك المختار، ولعل المركوز في الاذان المستقيمة المانعة عن حجيته هو إن اليقين المعتقد به هو إن اليقين بالقضايا الشرعية حكما أو موضوعا لا اليقين بالأعم منها ومن القضايا العادية أو العقلية، ولو انتهت بالآخرة إلى الشرعية أيضا، إلا إن التسامح في مقام الكشف عن الأمور الكامنة في الارتكاز حبذ التعبير عن الوجه بدعوى الانصراف المذكور، وقد يتوهم كما في فذلكة المقرر إن دليل لا تنقض في باب لا تنقض شبيهة بباب الرضاع، فكما إنه لا يثبت اللوازم والملازم من حرمة أخت الأخت، وبنت البنت أو الأخ وغيرهما، فكذا الأصل وهو مدفوع بالفرق بين البابين، فإن في باب لا تنقض كانت الكبريات محفوظه كما إذا نذر إن زيدا إذا كانت لحيته طويلة أو كان متحيزا يعطي الفقراء كذا، وعدم شمول التنزيل لهذه اللوازم لا لقصور الكبريات بل لقصور في ناحية التنزيل، بخلاف باب الرضاع فلا قصور فيه في ناحية التنزل، إنما القصور في الكبريات، نعم هما يشتركان في عدم إثبات اللوازم، غاية الامر في أحدهما من باب القصور في الكبريات وفي الاخر من القصور في التنزيل، ثم إنه لما تقدم اشتراك دليل اعتبار الامارة والأصول لسانا وإن الامر بالأخذ بها أو التصديق لها مولوي طريقي، كالأمر بالمضي على اليقين، وأمكن ادعاء الانصراف المذكور بأحد التقريبين فيها، ومع ذلك يؤخذ بالامارة في إثبات اللوازم والملزومات أيضا دون الأصول، فلا بد من بيان الفارق وما أوجب الامتياز بعد الاشتراك، فنقول لما كانت في الامارة حكاية لا توجد في الأصل حتى الاستصحاب، وكانت موجبة للظن ولو نوعا، فتحصل منها ظن بمدلولها المطابقي ومنه ظن بلوازمه وملازماته الواقعية، عقلية كانت أو اتفاقية أو عادية، وكانت اللوازم له بلا وسط أو وسائط، وكان المتكلم والمخبر مريدا لبيانها أو لم يكن، فيرى للامارة الواحدة حكايات وبيانات يجمعها الاخبار بالملزوم والملازم
(٣٦٣)