والشبهة فيه عين تلك الشبهة الناشئة من قصر النظر على قطعة خاصة وجزء مخصوص متصف بالجريان، وعليه يكون الشك في اتصاف الباقي بالجريان من قبيل الشك في الحدوث، وقد أجبنا عن ذلك مرارا، وقلنا بأنه لو قصر النظر في الأمور التدريجية إلى قطعة خاصة في قبال القطعة الأخرى، فلا مجال لجريان الاستصحاب حتى في مفاد كان التامة، لأن الشك يكون حينئذ من قبيل الشك في الحدوث، وإن لم يقصر النظر عليها بل لوحظ شخص الجريان أو الزمان المتدرج حصوله، فيتصور فيهما العلم السابق والشك في البقاء لاحقا، كما هو المختار، فلا قصور للاستصحاب لان الجريان حينئذ بنظر العرف شخص واحد يقطع بوجوده ويشك في بقائه، فيستصحب بقائه، وأما القسم الثالث فهو أيضا مما لا قصور في استصحابه، إلا من جهة إنه من قبيل الشك في المقتضى، ولو أغمضنا النظر عن هذه الجهة وقلنا بجريان الاستصحاب في هذه الصورة أيضا كما هو المختار على ما تقدم، فلا نقص في أركان الاستصحاب من جهة أخرى، وأما القسم الرابع فهو من قبيل الاستصحاب الكلي من القسم الثالث، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه، فتحصل مما تقدم إنه لا قصور في جريان الاستصحاب في جميع الصور إلا في الصورة الأخيرة على ما توهم، وإن الشك في الأخيرتين كان من الشك في المقتضى، وأما في الصورتين الأولين كان الشك في المانع وإن من منع من جريان الاستصحاب في القسم الثالث، إنما منع من جهة كون الشك في المقتضى، وإلا فلا قصور في أركانه، ولا اختلال فيها من جهة أخرى وهي كون الشك في الحدوث لا البقاء، لما تقدم من إن المدار على الوحدة الشخصية لا إنه يقصر النظر على خصوص قطعة من الواحد الشخصي التدريجي، وأما القسم الرابع وهو أن يقطع بخروج تمام ما في المنبع المقطوع بارتفاعه ويشك معه في قيام منبع آخر مقامه وجريان ما في الثاني متصلا بجريان ما كان في الأول حتى يكون الجريان باقيا وعدم قيامه حتى لا يكون للجريان بقاء، فربما يقال إنه من قبيل القسم الثالث من الكلي، ولا مجال لجريان الاستصحاب فيه لان الجري الذي كان مقطوعا قد ارتفع يقينا وصفا وموضوعا، وجريان الماء الاخر يشك في حدوثه، غاية الامر إن منشأ الشك من جهة الشك في قيام منبع آخر مقام الأول وحصول
(٣١٦)