توأما مع الحد، فلا يكون موضوع الوجوب إلا الذات المحض العارية من جميع القيود، كما إن الامر كذلك في الخطابات العرفية، ولذا قالوا إن الموضوع في موضوع في مثل إذا جائك زيد يجب إكرامه، هو زيد لا زيد الجائي، وفى قوله عليه السلام (إذا دخل الوقت تجب الصلاة)، إن الموضوع لوجوب الصلاة هو ذات الصلاة لا الصلاة في الوقت، فلا يؤخذ الوقت ولا المجئ قيدا في موضوع الوجوب، وبالجملة لما يستحيل أخذ القيد المأخوذ في الحكم في الموضوع، فلا يكون الموضوع إلا صرف الذات المعراة عن ذاك القيد والتقيد بعدمه، ومن هذا البيان يظهر إنه إذا شك في بقاء الوجوب يقطع باتحاد القضيتين موضوعا حتى على الدقة العقلية، مثلا إذا كان وجوب الاكرام مقيدا بيوم الجمعة وانقضى ذاك اليوم، ثم شك في بقاء الوجوب يوم السبت فيمكن إجراء الاستصحاب ولو على اعتبار الوحدة بالدقة ولا نحتاج إلى مسامحة العرف، مثلا إذا علم باشتراط وجوب الصوم بيوم الجمعة، فحصل وانقضى ثم شك في بقاء الوجوب، فحينئذ لا ريب في إن الصوم الموضوع للوجوب في القضيتين واحد دقة وعقلا، وأما صاحب الكفاية فلما أرجع قيد الهيئة صورة إلى المادة لبا وجعل الموضوع مقيدا بالزمان حقيقة، وحينئذ يكون الشك من جهة القيد مستلزما لعدم اتحاد موضوع القضيتين دقة، التجأ إلى دعوى كفاية الوحدة عرفا، والتزم بعدم جريان الاستصحاب بناء على اعتبار الوحدة بنظر العقل ودقة إذا كان القيد قيدا للموضوع، فلا يمكن الاستصحاب بنحو الدقة بل بنحو المسامحة، ثم لا يخفى إنه إذا كان القيد قيدا للواجب، فحينئذ يتصور فيه وجهان، فإنه تارة تكون الذات المقيدة بالزمان صرف وجود الطبيعة ويكون هو المطلوب، وعلى هذا فكما لا يتصور التعدد للموضوع كذا لا يعقل انحلال للحكم المتعلق به، وأخرى يكون الموضوع هو الطبيعة السارية في الافراد العرضية والطولية بحسب الزمان، كما فيما إذا قال إكرام العلماء في يوم الجمعة واجب، فإن الموضوع فيه ليس صرف وجود الاكرام أو العالم، وعليه فكما يتعدد الموضوع ويختلف مقدار الافراد قلة وكثرة، فكذا يتعدد الحكم وينحل إلى أحكام عديدة بتعدد أفراد الموضوع، فربما يكون عددها منحصرا في الخمسة أو المأة وقد يزيد على ذلك أو ينقص، ففي الصورة يتصور لكل من الحكم
(٣٢٠)