لم يكن الجامع أمرا زايدا على الحصص ولم يكن في الخارج إلا نفس الحصص، فأنى يتصور له القرار، فالحكم بكون القطعية من الغير القارة والتوسطية من القارة مما لا ينبغي صدوره عن مثل المحقق الخراساني، فالتحقيق أن يقال إن الحركة الطويلة الشخصية وإن انطبق عليها عنوان الكون بين المبدء والمنتهى لا تكون إلا حصصا متبادلة، فليس في عالم الوجود إلا جهات ومراتب متبادلة، فالحادث ينطبق على مرتبة والموجود في الان الثاني أخرى، فحينئذ تجئ شبهة الاستصحاب في الأمور الغير القارة التدريجية، لان الحادث غير الباقي، والعجب من صاحب الكفاية إنه التزم هاهنا بأن الكون بين المبدء والمنتهى أمر قار يجوز استصحابه، مع إنه استشكل في باب المشتق عموم النزاع للزمان من حيث إنه ليس له قرار حتى يتصور فيه المتلبس، وما انقضى عنه المبدء، فإنه لو تمت هذه الدعوى لعمت ذلك النزاع بلا احتياج إلى ما قيل في وجه التعميم هناك، وفي المقام شبهة أخرى وهي إنه تارة ينتزع العنوان من مجموع الحصص كالليل والنهار، فإنهما منتزعان من مجموع الحصص، فإن النهار عبارة عما بين الصبح إلى الغروب، وكذا الليل عبارة بين الغروب إلى طلوع الفجر، فتمام قطعة الليل لا ينطبق على كل آن، وكذا النهار، يعني إن كلا من الليل والنهار عبارة عن مجموع الأزمنة المحدودة بالحدين المذكورين، فحينئذ تجئ الشبهة وهي إنه لا يقطع بوجودها بمجرد حصول أول الجزء منهما، فإذا دخل الليل بجزئه الأول وشك في بقائه فيؤل الامر إلى الشك في الحدوث لا البقاء، بخلاف الفرض السابق فإنه يتصور فيه اليقين بتحقق الزمان، ولكن لا يتصور الشك في بقائه، فمحصل الشبهة الأولى إنه لا يتصور شك في البقاء مع القطع بالحدوث، ومحصل الثانية إنه لا قطع قبل الشك في البقاء، فالشك في مثل اليوم بعد العلم بدخول جزء منه شك في حدوثه، من غير أن يسبقه علم بالحدوث، وعلى كل ففي الزمان وعنوان اليوم مثلا يختل ركن من أركان الاستصحاب، فلا مجال لجريانه، وبعدما اتضح الفرق بين الموجودات القارة والمتصرمة، وظهر وجه الاشكال في استصحاب الأخير، وإن تصور كون الحركة التوسطية مما لا قرار وثبات تصحيحا لاستصحاب الحركة، وفرارا عن المحذور مما لا يعقل له وجه صحيح، فإن الكون بين المبدء
(٣٠٦)