الدليل في مقام الاهمال من ناحية القيد، ولكن احتمل القيد من ناحية أخرى كالزمان مثلا إذا شك في إنه هل للزمان دخل أم لا؟ ففي صورة احتمال دخل الزمان يكون الشك في المصلحة، فلا يبقى حينئذ مجال للاستصحاب على عدم كونه معتبرا إلا في مورد الشك في الرافع دون الشك في المقتضى والاستعداد، ثم لا يخفى إنه لو كان الاستصحاب حجة في مورد الشك في الرافع بعد إحراز المقتضى للبقاء، يلزم أن لا يصح إجرائه في الأحكام التكليفية إلا في موارد مخصوصة، وهي موارد إحراز الملاك والمصلحة في المأمور به مع الشك في الوجوب، لاحتمال طرو حرج أو جنون أو ضرر أو ابتلاء بالأهم أو حصول النسخ للحكم السابق، فإن الشك في هذه الموارد متعلق بالرافع دون المقتضى، وأما في غيرها فمرجعه إلى الشك في المقتضى، فلا بد من الالتزام بعدم حجية الاستصحاب فيه أصلا، ولكن الأحكام التكليفية تابعة للمصالح التابعة للمتعلق، وهي ليست إلا مبرزة للإرادة والانشاءات في الاحكام، ففي التكليفية مقتضيات الحكم عين مقتضيات التكوين، والاستعداد للحكم تابع لمقتضيات التشريع، والعلة المحدثة عين العلة المبقية وروح الحكم فيها منوطا بالاستعداد والمقتضيات التشريعي، فبدون إحراز المقتضى لا يحرز التكليف، فظهر من هذا البيان أن الاستصحاب في الموضوعات يجري في الموارد الكثيرة، ولكن في الاحكام يختص بباب النسخ بعناية إرادة الرفع منه لا الدفع كما هو الظاهر منه، فيمكن الاستصحاب عدم النسخ في مورد الشك بعد إحراز المقتضى للحكم والاستعداد، ويمكن جريانه في بعض الموارد مثل موارد الشك في انطباق لا حرج ولا ضرر في صورة الشك في وجود المزاحم الأهم والابتلاء به، فإن في هذه الموارد تكون المصلحة باقية، وإنما الشك في رفع فعلية التكليف إلا أن التحقيق أن شيئا من هذه الموارد لا ينبغي أن ينطبق عليه الاستصحاب، وذلك لأنه إذا شك في المزاحم يكون العقل حاكما بالحركة على طبق المصلحة المحرزة بمناط الشك في القدرة، وكذا في تمام الموارد المذكورة، فإن العقل يحكم في تمام هذه الموارد التي يقطع فيها بالغرض، ويحتمل في وجود المزاحم أو انتفاء القدرة أو رفع التكليف امتنانا، بسبب نفي الحرج والضرر وعذرية الجهل على الحركة على طبق المصلحة المحرزة ويحصل غرض المولى. فظهر
(٢١٨)