الحق إن رده من قبيل المانع عن إضافة العقد إليه لا أنه فسخ له على ما يتوهم، وربما يتخيل إنها من الاستصحاب مع إنك ترى إن وجوب غسل اليد مثلا أثر للغسل الذي هو منتزع عن وصول الماء إلى البشرة، وليس الوصول بالنسبة إلى عدم الحائل إلا لازما عاديا لحجيته، فاستصحاب عدم الحائل نفيا لوجوب الإعادة أصل مثبت لا يتكفله نحو (لا تنقض)، وكذا الامر في أصالة عدم الطبقة الأولى، أو عدم الشريك للوارث الواحد، فإن إرث الطبقة اللاحقة وارث الواحد لتمام المال لم يترتب شرعا على عنوان مقيد بعدم السابقة، أو بنفس عدمها حتى يحرز بالاستصحاب جزء الموضوع أو تمامه، فإن مقتضى قوله عليه السلام ما تركه الميت فهو لوارثه، وقوله تعالى (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض)، أن لا يرث البعض الاخر عند وجود الأولى منه، فعنوان الموضوع ملزوم للعدم وقابل للتحليل عقلا إلى جهة وجودية مقيدة بالعدمي لا أنه كذلك في الدليل، وحيث لا اعتبار بهذا التحليل في الاستصحاب وسائر الأحكام، فإذا جعل الانسان بماله من المفهوم موضوعا للحكم فلا يصح الرجوع إلى أصالة عدم الحيوانية، أو الناطقية، فإن شيئا منهما لم يقع موضوعا للأثر في لسان الدليل لتغاير مدلول الحيوان الناطق ومفهومه مع مفهوم الانسان، بحيث يصح سلب أحدهما عن الاخر، فلا مجال للتمسك بالاستصحاب فيما إذا لم يكن العدم قيدا في الكلام، كما في آية إرث الام والزوجين، فإن عدم الولد قد جعل معلقا عليه على ما في الآية المباركة، فلا بأس باستصحاب عدمه في أمثال المقام لا مطلقا، ولعل وجه استقرار السيرة على الرجوع إلى أصالة العدم عند الشك في المانع عن وصول الماء، أو عن إرث الطبقة المتأخرة مطلقا، أو عن إضافة العقد إلى المالك الذي وقع العقد على ماله، من دون إذنه، هو الظن الحاصل من الغلبة، فإن أغلب الأشخاص في أكثر الأزمان يفتشون عن الدنس والحواجب الحائلة من وصول الماء إلى أبدانهم، فإذا شك في وجود الحائل في وقت فيلحق المشكوك بالأعم الأغلب ظنا، ومن هذا فرق بين صورتي الشك في وجوده وحائلية الموجود، فلا يحكم بالعدم في الثاني لانتفاء الغلبة، وربما يفرق بين الأشخاص والأصناف، فيسلم أصل العدم بالنسبة إلى من ليس من شأنه الابتلاء بالحائل كثيرا وفى الأغلب، دون من هو كذلك، وكذا لمن كان أغلب المجيزين للفضولي لا يردون العقد قبل
(١٨٦)